[المنبر]

:

كلمة الدكتور[ باسم القاسم ] - عضو اللجنة العلمية للمهرجان / عضو أبعاد أدبية - :

" السيدات والسادة الحضور ..ضيوفاً مشاركين وآل بيت مؤازرين وسدنة وقائمين ..
السلام عليكم ورحمة الله ..
هذا ولا ريب مقام المشفق على نفسه أمام هذا الحشد المهيب من أرباب الفكر مبدعين ونقاد وإعلاميين ..
وقد شرفتني اللجنة العلمية بالمثول بين أيديكم معلناً قيامة عصر الشعر من جدثه المزعوم حين سينفخ سحرة البيان الشاعر في صور الدهشة والرقة أرضٌ لمحشر الشعراء ..
وأجد بأنه في خضم الترحاب بكم لا ضير لو يخسف قمر البلاغة أمام سطوع شموس معارفكم التي جميع الجهات مشرقٌ لها ..وما من جهة قد تدعي بأنها مآلٌ لمغيباتها .. فعلى الرحب والسعة أنتم في الرقة حاضرة هارون الرشيد ..
السيدات والسادة : في انعقاد الدورة السادسة لمهرجان الشعر العربي ووفق المنهج المقرر لهذه الوجهة المعرفية فقد أُذن لنا بالانتهاء من صقل مرآة الدهشة ووضعها أمام أمنا اللغة لنقرأ في ملامح وجهها رواية عن قدر الشعر باحثين عن إجابات حول سؤال الأسئلة ..(( سؤالِ الحداثة في الشعر )) ..
فاسمحوا لي أن أبين عن الهاجس الدافع لنا باختيار مفهوم الحداثة محوراً لملتقانا هذا ..فرؤيتنا الهاجس تلاحظ أن مفهوم الحداثة لدينا كمثقفين عرب شعراء ونقاد يجسده حوضٌ دلاليٌ تعددت روافده ومنابع حياته
فمن اتخذ الزمانية رافداً أساساً لمبرر وجود هذا المفهوم لابد له من اتجاهٍ قسري يحيله إلى هاوية عبارة تقول

(( الماضي هو الآن ))
ومن اتخذ فكرنة الشعر مجرى لرافده كيف به أمام فقيه من فقهاء النقد الحديث حين قرر بأنه
(( مايهمنا القصيدة وليس ماتقوله القصيدة ))
ورب رافدٍ طالب بتعطيل الحواس وخلْع رداء المكتسب وتجرَّدَ عن المجاورة فهل ستحاكمه مقولة هايدغر الشهير ة ((إن اللغة تقول الوجود كما يقول القاضي القانون واللغة الصحيحة هي تلك التي ينطق بها الشاعر
بكلامه الحافل أما الكلام الزائف هو كلام المحادثات اليومية ..))
ولعل أخطر الروافد هو ذاك الذي أعلن أربابه كفرهم برسولية الحداثة ..إلا أنهم يقلقون دائماً من إقامة الحد عليهم وتجريمهم بعبارة ابن خلدون التي تقول (( كلُّ من لم يتقدم تقادم وكل من تقادم زال ))
إذاً معكم ..هاهنا سنفتتح مهرجاننا مضامير لأحصنة خيالاتٍ ..ألجِمتُها العقل الناقد وعدوها غاية مقصودة لانريد بها حقيقة قارة عن الحداثة ..إننا وحسب نطمع كمثقفين عرب بمفتاحٍ يجيز لنا الولوج إلى الحداثة من أوسع أبواب المعرفة ..لنقف أمام أنفسنا وقفة متأمل عارف بذاته قبل أن يتعرف عليها في قواميس الآخرين
وعليه أدعوكم أيها الحضور الكرام حواريين متحلقين حول مائدة التجلي المعرفي ونساك شعرٍ ملهم مُلْهَم
متمنياً للضيوف الأعزاء طيب الإقامة في ربوع الرقة هبة الفرات العظيم ..
ولاغرو إن خاطب كلٌ منا الشعر هذا الكائن العجائبي الفذ قائلاً :
كل من في حماك يهواك لكن أنا وحدي بكل من في حماك
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير ..

د.باسم القاسم "