يقول لصاحبه : اشرب خمراً, فيقول: حرام, فيعيد العرض عليه بمسمى آخر : اشرب مشروباً روحياً, فتكون ردَّة فعله, بالتساؤل عن هذا المشروب ؟ فيجيبه بأجوبة تهون من شأنه وتسوغ له شربه .
أخر يقول لصاحبه :فلنحارب الدين , فيقول له : اتق الله كيف نحارب الدِّين الذي شرعه الله وبه نجاتنا, فيعيد عليه العرض بمسمى آخر : فلنحارب هذه العادات والتقاليد البالية, فتكون ردَّة فعله بالتفاعل والنفرة من هذه العادات التي تحارب التطور والتحرر .
وثالث يقول : باب الجهاد فتح علينا الويلات, وجعل أمة الكفر تكرهنا وتحاربنا , فيقول له : كيف يكون الجهاد كذلك وهو ذروة سنام الإسلام ... , فيعيد عليه العرض بمسمى آخر: هذا إرهاب فتح علينا الحرب من أمم الأرض وجعلنا في عيونهم سفاحين ومصاصي دماء, فتختلف نظرته حول الجهاد .
لقد دأب كلُّ علمٍ من العلوم بالاهتمام بالمصطلحات, سواء بالتعريف اللغوي, أو المصطلح الخاص بذلك العلم أو ذلك الفنّ , وهي من أهم مايجب على كل متعلم أن يعرفه, بل ويحفظه ويجمع بين اسمه ومسماه, حتى لايدخل فيه تعريف آخر.
وحين تهاون النَّاس بأهمية المصطلحات ودلالاتها, أصبح العلم والثقافة العامة نهباً لفريقين : إمّا أهل جهل لايرون الاهتمام بالعلم وقواعده وضوابطه, ومعرفة كل مصطلح ودلالته, وفريق آخر لايخلو من هوى في نفسه لمآرب قصيرة المدى أوبعيدة المدى, فيحور الأشياء عن دلالتها, ويفرغ المسميات من محتوياتها, وينطلق من خلال هذا الفعل لتحريم ما أحل الله أو إحلال ماحرم الله, أو محاربة الحق والمنافحة عن الباطل, فيضل ويضل عن سواء السبيل, ويعبث بمفاهيم النَّاس ويغير ملامح الحقائق .
قال عليه الصلاة والسلام (إنَّ أناساً من أمتي يشربون الخمر يسمونها بغير اسمها)