* عن وهب بن منبه يقول : كان ملك من ملوك الأرض أراد أن يركب إلى أرض ، فدعا بثياب يلبسها ، فجيء بثياب ، فلم تعجبه ؛ فقال : ائتوني بثياب كذا وكذا ، حتى عد أصنافا من الثياب ، كل ذلك لا يعجبه ، حتى جيء بثياب وافقته ، فلبسها ؛ ثم قال : جيئوني بدابة كذا ، فجيء بها ، فلم تعجبه ، ثم قال : جيئوني بدابة كذا ، فجيء بها ، فلم تعجبه ، حتى جيء بدابة وافقته ، فركبها ؛ فلما ركبها ، جاء إبليس ، فنفخ في منخره نفخة ، فعلاه كبراً ؛ قال : وسار ، وسارت الخيول معه ، قال : فهو رافع رأسه ، لا ينظر إلى الناس كبراً وعظماً ؛ فجاءه رجل ضعيف ، رث الهيئة ، فسلم عليه ، فلم يرد عليه السلام ، ولم ينظر اليه ؛ فقال له : إنه لي إليك حاجة ؛ فلم يسمع كلامه ؛ قال : فجاء ، حتى أخذ بلجام دابته ؛ فقال : أرسل لجام دابتي ، فقد تعاطيت مني أمراً لم يتعاطه مني أحد ؛ قال : إن لي إليك حاجة ، قال أنزل فتلقاني ؛ قال : لا ، الآن ؛ قال : فقهره على لجام دابته ، فلما رأى أنه قد قهره ، قال : حاجتك ؛ قال : إنها سر ، أريد أن أسرها إليك ؛ قال : فأدنى رأسه إليه ، فساره ، قال : أنا ملك الموت ؛ قال : فانقطع ، وتغير لونه ، واضطرب لسانه ؛ ثم قال : دعني حتى آتي أرضي هذه التي خرجت إليها ، وأرجع من موكبي ، ثم تمضي في التابعين ؛ قال : والله لا ترى أرضك أبداً ، ولا والله ، لا ترجع من موكبك هذا أبداً ؛ قال : دعني حتى أرجع إلى أهلي ، فأقضي حاجة إن كانت ؛ قال : لا والله ، لا ترى أهلك وثقلك أبداً . قال : فقبض روحه مكانه ، فخر كأنه خشبة ؛ قال الجريري : وبلغني أيضاً : أنه لقي عبداً مؤمناً في تلك ، فسلم عليه ، فرد عليه السلام ؛ فقال : إن لي إليك حاجة ، قال : هلم فاذكر حاجتك ؛ قال : إنها سر فيما بيني وبينك ، قال : فأدنى إليه رأسه ليساره بحاجته ، فساره ، فقال : أنا ملك الموت ؛ قال : مرحباً وأهلاً ، مرحباً بمن طالت غيبته علي ، فوالله ، ما كان في الأرض غائب أحب إلي أن ألقاه منك ؛ قال : فقال له ملك الموت : إقض حاجتك التي خرجت لها ، قال : ما لي حاجة أكبر عندي ولا أحب إلي من لقاء الله ؛ قال : فاختر على أي شيء أقبض روحك ؛ قال : وتقدر على ذلك ؛ قال : نعم ، أمرت بذلك ؛ قال : نعم إذاً ، فقام وتوضأ ، ثم ركع وسجد ، فلما رآه ساجداً ، قبض روحه .
(6/202-203)
مستل من الحلية