منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - حديث الغمام
الموضوع: حديث الغمام
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-02-2010, 03:59 AM   #24
عبدالله الدوسري
( كاتب )

الصورة الرمزية عبدالله الدوسري

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 51

عبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي على الطريق ،،،


( 1 )

شئ ما يسحبني إلى الأرض ،،
أشعر بما حولي دون أن أراه ،،
لا أشعر بالفزع ،، كأنني كنت هنا من قبل ،،
نفس ما شعرت به عندما أصابتني الكره في وجهي وأنا صغير ،،

أرجوكم لا تأخذوني إلى المستشفى ،، غرف الطوارئ لا تنقذ أحدا ،، وحوادث السيارات لا تقع إلا بعد منتصف الليل ،، حين لا يكون هناك إلا طبيب عابس السحنة بملعقة صدئة ،، أنظر إلى أولئك الحمقى ،، لماذا يصرخون ؟! ،، معظم أفراد أسرتي ماتوا كبارا بعدما تجاوزا الخرف بمراحل ،، أنا مجرد فرد آخر لا أستحق كل هذا ،، ها هي ممرضة جميلة رغم كل شئ ،، لا تقلق يا قلبي لن أستسلم ،، فلست مستعدا للرحيل ،،
أشعر أني عائدا لتوي من السفر أحكي لها عن كل ما كان وأستمع للكثير من أحلامها التي لن تكون ،، فالغرفة الماسية ليست نهاية قوس قزح كما مانت تتصور ،،
الكثير من الكبوات والكثير من الوقت الضائع ،، ولكنك خارج الأسوار الآن أحاول البدء من جديد ،،

- أنت تغيرت ،،
- لماذا ؟! ،،
- لم تكن تتحدث هكذا من قبل ،،
- لم يكن شعوري هكذا من قبل ،،

قال لي أحدهم بأنك تستنفد طاقتك ،، ليس بامكانك الركض دائما ،، عليك أن تتوقف أحيانا ،،
لا تستطيع أن تعاند كل شئ فستهزم حتما ،، لن تستقيم وستذهب مع الريح ،،
فأنت لا تثق بمن يحاول تقنين نفسه من الداخل ،، كما أنك لا تستطيع أن تحجب الشمس بغربال ،،

عاهدت الكثيرون بالكثير ولم تبال في صراخهم ،،
أما الآن فحتى الخذلان صعب المنال ،،
ولكنها كتقطيب جرح أو اثنين وسيرون شخص آخر واضح المعالم يولد من جديد ،،

- ما الذي حدث ؟! ،، كانت لديك أحلام لا تحدها آفاق ،،
- أجل ،، ولقد استيقظت الآن ،،
وأخذ يقص عليها كيف أن أبيه اشترى له سيارة أجرة بعدما وعده مرات عديدة بأن يضبط حاله ،،

الشيخ الكبير كان أكثرهم حنوا علي وتعبا مني ،، ولكن حياتي التي لم أعشها أصبحت قريبة بإمكاني أن ألمسها ،،
الحلم لن يتحقق بمفرده ،، عليك أن تسعى إليه ،،
ولكني قد تأخرت عما كانوا يظنون ،،
انتهى النداء الأخير والشمس تغرب ،،
أشعر برعشة خفيفة ،، لن نبتعد عن هنا ،، عن خشونة الليل ،،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ

( 2 )

عدت مرة أخرى إلى القرية ،، هذه الندبة الجميلة تحت أضلعي ةالتي لا أرغب التخلص منها ،، عدت متأخرا بعد أن ذهبت الشوارع للنوم والمصابيح تتسكع بانتظار الفجر ،، وحدي كالعادة حاملا حقيبتي وجسدي ،، تكومت في السيارة التي تقلني من أقرب مدينة والسائق يقودنا بسرعة الزمان أتدثر بمعطف سميك ،، نظرت للقمر فوق أسطح المنازل وحسبته رغيف خبز قضمه طفل وهرب قد يكون للجوع دور في ذلك ،، جلست ألتقط أنفاسي أمام بوابة البيت الكبير مترددا فمن بالداخل فيما يبدو نيام ،،

غفوت وكل ما أذكره أنني استيقظت مرات عديدة وكأنني أستعجل الصباح لأجد العتمة سائدة وأن خشب السقف يطقطق بحنان يشبه البوح ،، أخيرا أزحت ستارة النافذة بدأت أمامي فروع الأشجار مغمسة بشقوق الضوء الممتد بكسل فضي على الجبل ،، فتحت النافذة فتسرب الهواء إلى عري القلب ،، لا صوت للأشياء هنا فحتى فرشاة الأسنان تروح وتجئ بخفر وحياء ،، تناولت إفطاري مع رجال وشباب العائلة تتخلل قضمات الأكل أحاديث لا تلبث أن تنقطع ،، خرجت ببرودة نائمة والهواء يتمخطر في الطرقات ويهز كتفيه بتعال وما هي إلا لحظات حتى خرجت الشمس بعد فترة من وراء رؤوس الجبال بهيبة دافئة ،،

رغم تعاظم اللوحات الساحرة التي تتصدر القرية كنت أنصت إلى أنفاس الصباح واضعا قدمي على السجاد الترابي الذي يغطي الطرقات أقاوم رغبة تغمرني بالضحك عاليا أو تسلق أكبر شجرة ،، تأملت بعض المزارعين يضرب كل منهم بفأسه وبريق غامض كان يكسو عينيه ،، وبعض الصبية يسيرون بخطى باردة إلى مدرستهم وأكبر منهم كانوا يتجمعون لانتظار السيارة التي ستقلهم إلى القرية المجاورة ،، استوقفني صوت موسيقى منبعث من مذياع مجهول المكان يبث أغنية قديمة كأنها هدنة مؤقتة في سماء المدينة الصاخبة العائد منها ولكنه سرعان ما انطفأ ،، حتى وصلت إلى لوحة علاها الصدأ تكاد تسقط مكتوب عليها عبارات لإنشاء طريق عام يعود تاريخها لعشرون عاما ،،

كانت اللوحة تقف منتصبة كيأس خالد فأحسست بالعجز وأشاء أخرى ،، حبست دمعة قبطان يشهد أفول سفينة تغرق ولا يفعل شيئا سوى التجديف بقارب النجاة ،، حاولت أن أنشغل عن العبارة بتأمل المحلات الصغيرة والبيوت المصبوغة بدهان مميز الألوان ونزيف الأزهار ينمو على الأسوار الحجرية ومن فتحات حقائب التلاميذ الممزقة كالآمال المصطفة على ريف العين ،، كنت أحاول أن أتحاشى تلك اللوحة كأنني أهرب من أيام تفسد نفسها ،، كانت محاولة انشغالي تذكرة الهروب الوحيدة الممكنة من قسوة التجاهل ،، فما أصعب أن تكسب لحظات جميلة في ساعات وتفقدها في لحظة وتتحاشى عيون من حولك كالهارب من ظله ،،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ



يتبع ،،

 

التوقيع

المتشرد


التعديل الأخير تم بواسطة عبدالله الدوسري ; 05-02-2010 الساعة 04:02 AM.

عبدالله الدوسري غير متصل   رد مع اقتباس