و
بكت الطفلةُ الساكنة أعماقها !
طفلة صغيرة بفستان زهري قصيروشعر طويل منسدل،تلَهْوا فرحَة تَقْفز هنا وهُناكوَ تَتنقَل بَيّنَ الْأَحْضان كَما الْبلْبل يَقضي يومه متنقلا بَيّن الْأَغْصان . بِيَدها دُمية قطْنِية و مَعَها صَغيران اثْنان تحبهما و يحِبانِها، رَفيقا الّطُفولَةِ هما ، إِخْوتُها ! رَسموا الحياة معاً و تنفسو بداياتهم فيها معاً و عاشوا أَجْمَلَ الأَحْلام وَ بَنَو قُصوراً عديدةً مِنْ فَرَح .عاشوا مَعاني الّطُفولَةِ وَ رَوّعَتها ،وَ هل الّطُفولَةُ إلا حَياة بريئة حالِمَة هانِئَة تَخْلوا مِنْ مُنَغِصات ؟! وَ هل الّطُفولَةُ إلابَراءَة تَتَقاطَرُ مِنْ عَينيّ طفل ؟!
كانَتْ تُفَكِرُ وَ الإِثْنانِ مَعَها بِأَن الْحياةَ أُم رائِعَةٌ و أَبٌ حَنونٌ ، يَأْخذانِها وَ إِخْوَتها بِالْأَحْضانِ كلما احتاجو لحب و حنان ، وَ غَدا ًتَكْبر لتصْبحَ أما ، و لِذلِكَ ما فتئت تَمَّسَك بِدُمْيتِها الْقُطْنِيَة ترعاها كـ ابنة لها . و ليقين الطفولة الراسخ بها كانت تَظُنُ بِأَنَ كل ما حولها لعب و مرح ، فكان الْمَوّت أيضاً بالنسبة لها لُعْبَة ! لُعْبَة لغِيابٍ وَ حُضور و لذلك أدرجته في قائمة لُعَبِها.
كَبُرَ الّثَلاثَةُ، و لأن الّسَنواتِ قارَبَتْهُمُ عمراً ، كانو أَصْدِقاءَ. كانَ بَيْنَهُم ما كانَ مِنْ حُبٍ وَ أَسْرارٍ وَقُوَةُ ارْتِباط. بَدا الْفِراقُ محال .. مَضَت الّسَنَوات ، شَبَ اّلثَلاثَة و افْتَرَقوا جَسَداً، فَرَقَتْهُم الْحَياةُ بِمَشاغِلِها وَ لكِنَ الْقُلوب َكَما هِيَّ مُرْتَبِطَة ، بَل زادَتْ ارْتِباطاً . كانت تتوقُ لِمعانقة بعضها البعض كُلما لاح في فضاءِ الأُسبوعِ نجمُ إجازةٍ مُحتملة ..
بقيت اْلفَتاةُ على ظنها بِأَنَ الْمَوّتَ كَما هُوّ في عَقْلِ الّطُفولَة لعبة إِلى أَنْ خَطَفَ الْمَوّتُ أَحَدَ رَفيقَيّها ..لَمْ تَسْتَطِعِ الّتَصْديق. يُسْتَحال أَنْ يَفْنى أَخي. هزتهُ بكل جوارحها أن اسْتَيْقِظ ، انْتَهَت الْلُعْبَة أُقْسِمُ عَلى أَنَها انْتَهَت ..اسْتَيْقِظ ، قُمْ وَ ضُمَني إِلَيْك ..قُمْ يا أَخي ..لَسْتَ سِوى غارِقٍ في نَوّمٍ عَميق .. انْسَكَبَتْ دُموعُها حزناً و حَسْرَة.. فطِنت أن الْمَوّت انْتِهاءُ حَياةٍ وَ بِدايَةُ حَياة أخرى ، حَياتانِ يَفْصِلُهُما بَرْزَخ وَ ما هُوَّ بِلُعْبَة .!
آهٍ ، لَنْ يَعود ..
لِأُحبكَ يا أَخي وَ أتذكرُكَ وَ أَبكيك ما دامَ في العُمر مُتسع !
.
.