يأخذك العجب ممن ينسف تاريخ الأمة الإسلامية, ويرى أنه بعد الخلفاء الراشدين يشابه حالنا اليوم, فقد تنازعه الظلمة وأصبح حكما ًوراثياً ملكياً, يقصي الآخر, ويقمع الناس ويضيق عليهم أرزاقهم, وهنا يقال : في كلامك شيء من الصح الذي أخذته حجة على نسف تاريخ الأمة, ولكن كيف فتحت الأقطار الإسلامية ؟ وكيف دونت الكتب ؟ وكيف وضعت الأنظمة؟ وأين تطورت العلوم الشرعية واللغوية وسائر العلوم؟ ليتك بديت من عصر الإنحطاط لتكون نظرتك أدق وأصوب, وأخذت مما سبقه ما أعز الأمة ورفع شأنها . إن نظرية الهدم هذه وإبقاء عهد السلف والبناء عليه من جديد, عبث تنظيري وخرف ثقافي, ولا أعتقد أن من لم يستطع أن يهدم غرفة ويعيد بناءها من جديد, ليس جديراً بأن يهدم قرناً ونصف من عمر الأمة, ولو جمع عليه الأولين والآخرين, بحق هؤلاء العابثون سيبدعون في تأليف أفلام الخيال, وأفلام الكرتون .