ليست المشكلة في الحكام الظلمة حين يرون المواطن عبداً, ويجلدون ظهره, ويضيقون عليه رزقه, بل المشكلة في المواطن حين يعتقد نفسه كذلك؛ فهو لايجرؤ على التفكير في حاله كيف هو؟ وحين يصدر من الحاكم قرار فيه منفعة, حمد الوالي وأسبل عليه مدحاً, وحين يكون منه مظلمة, التمس له ألف عذر, وتأمل حال من هو أسوأ منه وقال نحن في خير. أما حال المواطن مع الفتوى فهو واحد من اثنين : إما متتبع لما يكون من فتاوى متشددة لهوى في نفسه, وإما متتبع لفتاوى متساهلة لهوى في نفسه . والله لقد ولدت حراً أيها المواطن ولن تكون عبداً إلا بإرادتك, فتعلم ماينفعك في أمور دينك ودنياك, واطرد الهوى والخوف والجبن من قلبك .