منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - انطباعات، Symbolism
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-24-2010, 12:46 AM   #4
بثينة محمد
( كاتبة و مترجمة )

الصورة الرمزية بثينة محمد

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 21

بثينة محمد غير متواجد حاليا

افتراضي الشرفة المفتوحة


http://www.eastoftheweb.com/short-st...s/OpeWin.shtml
الشرفة المفتوحة. ترجمة : بثينة محمد

قالت الفتاة ذات الخمسة عشر ربيعا برباطة جأش: " سيِّد نوتّل، ستنزل عمتي خلال لحظات. في هذه الأثناء، عليك أن تحاول احتمالي ". حاول فرامتون نوتّل أن يتفوه بمجاملة لائقة لإطراء الفتاة دون أن تبدو هذه المجاملة كتصرف غير مبالي بمجيء العمة في خلال لحظات. في داخله، كانت الشكوك تزداد حول ما إذا كانت هذه الزيارات الرسمية لأناس غرباء كليا قد تساهم في علاج أعصابه - المُتْعَبة - كما هو مُفْتَرَضْ.
حين كان يوظب أغراضه استعدادا للرحيل إلى هذه الضاحية الهادئة؛ قالت شقيقته: " أعرف كيف سيكون الوضع هناك، ستقوم بدفن نفسك و الامتناع عن الحديث إلى أي كائن حي! و سيكون حال أعصابك أسوأ من أي وقت بسبب تحسرك و خيبتك. عليَّ فقط إعطاءك رسائل توصية إلى كل معارفي هناك. بعضهم - كما أستطيع أن أتذكر - كانوا في غاية اللطف! ". كان فرامتون يتساءل ما إذا كانت السيدة سابلتون - التي يحمل إليها رسالة توصية - تدخل في خانة المعارف اللطفاء.
سألت الفتاة حين أطلقت حكمها بأنهم يحضرون اجتماعا صامتا: " هل تعرف الكثير من الناس في هذه الناحية؟! ".
أجاب فرامتون: " لا أحد على الإطلاق، كانت أختي تقيم هنا لدى أسقف الأبرشية منذ أربع سنوات. و قد أعطتني رسائل توصية لبعض معارفها هنا ". تغير صوته إلى نبرة ندم واضحة في العبارة الأخيرة.
قالت الفتاة رابطة الجأش محاولةً التأكد: " إذا فأنت - عمليا - لا تعرف شيئا عن عمتي؟! ".
اعترَفَ : " اسمها و عنوانها لا غير ". كان يفكر ما إذا كانت السيدة سابلتون متزوجة أو أرملة، كان هناك ما يوحي بوجود لمسة رجولية في الغرفة.
بدأت الفتاة تحكي: " حدثت مأساتها منذ ثلاث سنوات فقط، كان هذا بعد رحيل أختك ". سأل فرامتون: " مأساتها؟! "، لم تكن المآسي لِتبدو ملائمة لهذه المنطقة - المستغرقة في الهدوء - من البلاد.

" 2 "
قالت الفتاة مشيرة إلى شرفة فرنسية كبيرة مفتوحة على الحشائش في الخارج: "ربما تتساءل لم نبقي الشرفة مفتوحة في ظهر أحد أيام أوكتوبر ".
قال فرامتون: " الجو دافئ جدا في هذا الوقت من السنة، و لكن هل لهذه الشرفة علاقة بالمأساة؟! ".
أجابت الفتاة: " عبر هذه الشرفة خرج زوج عمتي و شقيقاها الصغيران منذ ثلاث سنوات لممارسة الصيد و لم يعودوا أبدا. بعبورهم البراري إلى بقعتهم المفضلة للصيد غرقوا في منقطة رمال متحركة. لقد كان ذاك الصيف الرطب مرعبا كما تعلم. و المناطق التي كانت آمنة غدت فجأة خطرة دون سابق إنذار. أسوأ جزء فيما حدث أن جثثهم لم تُنتَشل من ذاك المستنقع أبدا ". بدى صوت الفتاة يفقد نبرته المتماسكة و يغدو ضعيفا بشكل غريب: " عمتي المسكينة، تظن دائما أنهم سيعودون يوما ما، برفقة الكلب البني الصغير الذي فُقِدَ معهم. و أنهم سيدخلون من تلك الشرفة كما اعتادوا دائما. و لهذا تبقى هذه الشرفة مفتوحة في كل ظهيرة حتى يحل المساء. عمتي المسكينة، كانت دائما تخبرني كيف خرجوا؛ زوجها بمعطفه الأبيض الواقي من الماء محمولا على ذراعه، و روني؛ شقيقها الأصغر يغني: "بيرتي، لمَ تميل ؟!" محاولا إغاظتها لأنها كانت تقول أن هذا الغناء يؤذي أعصابها. أتعلم ؟ أحيانا، في الأمسيات الهادئة كهذه، يساورني شعور مخيف بأنهم سيأتون جميعا و يدخلون عبر هذه الشرفة..." أمسكت عن الكلام برعشة صغيرة حين دخلت عمتها مسرعة بسيٍل من الاعتذارات عن تأخرها في الظهور و هتفت: " آمل أن فيرا كانت ذات رفقة ممتعة بالنسبة لك ".
أجاب فرامتون مشددا على عبارته: " لقد كانت مثيرة للاهتمام، جدا! ".
قالت السيدة سابلتون: " أرجو ألا تمانع كون الشرفة مفتوحة" و أردفت بسرعة: " زوجي و شقيقاي سيعودون في أي لحظة من رحلة الصيد، و هم يحبون دوما العودة عبرها. لقد خرجوا اليوم للصيد بجانب النهر؛ لذا سيقومون بعمل فوضى ممتازة و إفساد سجادي المسكين، إنها عادة لديكم أيها الرجال.. أليس كذلك؟!"
" 3 "
استمرت مبتهجة في سلسلة من الأحاديث عن الصيد و صعوبة إيجاد الطيور، و مدى قلة احتمالات وجود البط في الشتاء. بالنسبة لفرامتون؛ كان كل هذا الكلام مرعبا! قام بمحاولة يائسة و لكن ناجحة جزئيا في إدارة الحديث إلى موضوع أقل حزنا نسبيا. كان مدركا لحقيقة أنه لا يحصل سوى على جزء قليل من اهتمام السيدة سابلتون و أن نظرها كان مركزًا على الشرفة المفتوحة خلفه و الحشائش في الخارج. لقد كانت مصادفة سيئة و غير متوقعة أن يقوم بالزيارة في مثل هذه الذكرى المأساوية.
" الأطباء متفقون على لزوم الراحة الكاملة لي و عدم تعرضي لأي إثارة عقلية، و تجنب أي نشاط جسدي عنيف". قال فرامتون معلنا بجهد تحت تأثير الوهم المنتشر بأن الغرباء و معارف الصدف متعطشين لمعرفة أدق التفاصيل عن أمراض الإنسان و علاته، أسبابها و طرق علاجها. تابع قائلا: " أما في أمر الحمية فهم لا يتفقون كثيرا ".
" حقا؟! " قالت السيدة سابلتون، بصوت متثاءب. ثم أشرق وجهها باهتمام مفاجئ و لكن ليس لما كان يقوله فرامتون. هتفت: " ها قد جاءوا أخيرا، في الوقت المناسب للشاي. أوه، ألا يبدون مغطين بالوحل حتى أعينهم! ". ارتعش فرامتون و نظر إلى الفتاة متعاطفا. كانت الفتاة تنظر إلى الشرفة برعب. و بشعور بالبرد يتسلل إلى أضلاعه نتيجة خوف مجهول؛ تململ فرامتون في مقعده و التفت باتجاه النافذة.
خلال الشفق الذي يزداد حمرة؛ ثلاثة أطياف كانت تعبر الحشائش باتجاه الشرفة. كان جميعهم يحملون بنادقهم على أذرعتهم، و أحدهم كان يحمل معطفا أبيض على كتفه. كلب بني مُتْعَب مشى قريبا من أقدامهم، اقتربوا من المنزل بدون ضجة. صوت أجش اندفع قائلا: " قلت: بيرتي، لم تميل؟ ".
أمسك فرامتون بعصاه و قبعته، بالكاد كان من الممكن متابعته هاربا عبر باب المنزل، الطريق الحجري، و من ثم البوابة الخارجية. الدرَّاج الذي قدم من هذا الطريق كان عليه الالتفاف بسرعة إلى الحاجز الشجري لتفادي حادث محتم الحدوث.
" 4 "
" ها نحن هنا يا عزيزتي "، قال حامل المعطف الأبيض داخلا عبر الشرفة، و بإشارة إلى المعطف أردف: " مغطى بالطين بالكامل، و لكن معظمه قد جفَّ. من هو ذلك الشخص الذي هرع خارجا لدى وصولنا ؟! ".
" أغرب رجل رأيته ". قالت السيدة سابلتون: " لم يتحدث إلا عن مرضه، و أسرع خارجا بدون كلمة وداع أو اعتذار لدى وصولك. قد يعتقد المرء أنه رأى شبحا ! ".
قالت الفتاة بهدوء: " أعتقد أن الكلب هو السبب. لقد أخبرني أنه يخشى الكلاب جدا. لاحَقَتْهُ مجموعة من الكلاب المتشردة في أحد الأيام وصولا إلى مقبرة في منطقة أنهار جينغس. و اضطر إلى إمضاء الليل في قبر حديث لكلب ما، متحملا عواء الكلاب و ابتساماتهم المليئة باللعاب أعلى القبر. أعتقد أن هذا كافيا لجعل أي شخص يفقد صوابه !".
كان اختصاصها ردود الفعل الرومانسية السريعة.

 

التوقيع




بثينة محمد غير متصل   رد مع اقتباس