منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - احتماء .... بالضوء !
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-20-2010, 10:19 PM   #23
سحر الناجي
( كاتبة وإعلامية )

افتراضي


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

** ضوء .. أوسنجاب .. أو سراب ..!!

قال أحدهم يروي قصة حقيقية وقعت في طفولته :
كان الصوت ينهمر في أذني كالمطر .. قال لي أبي لا تلعب في الباحة الخلفية بعد حلول المساء , وعلل ذلك بسبب الحشرات التي تكاثرت بين الأعشاب ولسبب غريب لم نفهمه ..
في عصر ذلك اليوم رأيت من نافذة حجرتي حيوان صغير ينشب بأظفاره العشب ليصنع له جحرآ , لم أتبين حينها إن كان فأرآ أو سنجابا , كل ما كان يعنيني أن أخرجه من حظيرة الدجاج بعد أن يأوي الجميع الى النوم ,, لأجل هذه المهمة السرية غفوت في قيلولة صغيرة لم أكن معتاد عليها وأديت واجباتي المدرسية على أكمل وجلست أتعجل مرور الوقت متجهزآ لمواجهة ذلك الوحش الصغير .
في أمسيتنا العائلية المعتادة وبعد أن تناولنا طعام العشاء طلبت الي أمي بأن آوي إلى فراشي مبكرآ بسبب برودة الأجواء ..
- ولكني أريد أن أجمع لك باقة من الريحان كما وعدتك يا أمي ..!
- لا .. إفعل ما تقوله أمك وكن ولدا مطيعا ..
قال أبي بحزم وهو يقرأ في الصحيفة ويرتشف رشفات من الشاي..
- ولكن ..
- قلت لك اسمع الكلام ..
صاح أبي وأرسل نحوي نظرة ساخنة أحرقت كل عناد لدي , جلست قليلا بجانب المدفأة , ثم سرت الى حجرتي صامتا حزينا بعد أن تمنيت للجميع نوما هنيئآ .. كانت الأجواء في الليل تزداد برودة ومع ذلك شرعت نافذة حجرتي أبحث بين الظلام عن ذلك الحيوان الصغير , وما هي إلا لحظات حتى سمعت صوت خطوات أمي تقترب من باب حجرتي , فأسرعت أدس بجسدي بين طيات السرير وأدعي النوم ..
كانت الساعة تقترب من الحادية عشر ليلا عندما ساد الصمت أرجاء منزلنا .. فتسللت إلى القاعة الرئيسية في البيت أتأكد مناستغراق الجميع في نوم عميق.. ثم أسرعت على رؤوس أصابعي أتجه إلى الخارج حيث رأيت الحيوان ..
لم أنسى أن أحضر مصباح جيبي معي كي أرى طريقي بوضوح .. وبعد بحث قليل وخطوات بعثرتها هنا وهناك .. وجدت الجحر .. فبدا لي هادئآ .. وفارغآ ..لا أحياء تعيش بجوفه .. ومع ذلك
أخرجت قطع من الجبن المخبئة في جيبي ونثرتها على شق الجحر في محاولة لاستمالة الحيوان للخروج .. ولكن انتظاري طال ولم يظهر شيئآ .. حتى أنني أرخيت السمع محاولا إقتناص أي حركة للمخلوق الغامض .. ولا جدوى .. فالصمت كان بسود المكان .. ولا إشارة تلوح من قلب الليل عن وجود ما جئت من أجله .. وبعض مضي من الوقت بدأ الملل ينتابني .. والنعاس يدب إلى جسدي .. والحقيقة أن العتمة والوحدة أشعلتا في قلبي بوادر الخوف .. لذلك عزمت على المحاولة في الغد بعد أن وقفت أصلب جسدي المجهد من طول التقوفع .. وما كدت أخطو خطوة للأمام حتى حدث أمر رهيب .. فجأة ..رأيت نورآ هائلا يسطع في كبد السماء .. وجسد طائرغريب بشكل بيضاوي يدور حول نفسه عدة دورات منتظمة ثم يتوقف قليلا .. وكأن راكبه كان ينظر إلي ثم سرعان ما ارتفع في السماء مخلفا وراءه ضوء أزرق .. وذيل ساطع من الألوان العجيبة .. حدث الأمر في ثواني معدودة .. خلتها أنا ساعات من الزمن ,في تلك اللحظات المفزعة ..
لم أتمالك نفسي لهول ما رأيت فأسرعت فزعآ إلى المنزل وأنا أصرخ بصوت عالي :
- أبي أمي .. مركبة في السماء تريد اختطافي ..
وما هي الا لحظات قليلة حتى عج البيت بالحركة والصوت من جديد ..
كانت الساعة تشير إلى الثانية صباحآ .. حين أخذ أبي بيدي إلى الخارج .. ليقنعني بعدم وجود شئ .. وإنما ما رأيته كان وهما أو أضغاث أحلام ..
وبالفعل , لم يكن هناك أثر للضوء أو الجسم , بل كان المكان يعج بصمت غريب .. حتى صوت الحشرات الليلية لم أسمعه في ذلك الوقت ..
وكل ما تناهى إلي تمتمة أبي وهو يهمس لأمي :
- أخشى أن يكون الصبي مصاب بأمراض نفسية.. والمشي أثناء النوم .. والكوابيس ..
كنت في التاسعة من عمري عندما وقعت هذه الحادثة ..ولم أنسها قط رغم بلوغي الثلاثين من الآن ..
وحلمي الوحيد الذي رافقني طوال هذه السنين .. حلمي الذي سكن يقظتي .. وبين طيات جفوني عند النوم .. كان ولا زال هو أن أعرف حقيقة ماجرى في تلك الليلة .. وذاك الضوء الغريب الذي ما توقف عن الوميض في عيني بين وقت وآخر ..
هل كان وهم .. أو حقيقة أو ماذا ...!!

تحيتي للجميع

 

سحر الناجي غير متصل   رد مع اقتباس