منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - [ فِي رِحَابِ المُصْطلح ] : -11-الشكلانية ..(( منابع لاتنضب ))
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-31-2010, 10:05 PM   #112
د.باسم القاسم
( شاعر وناقد )

افتراضي الهرمنيو طقيا / فن التأويل ..


التأويل ...
يا لها من مفردة ربما قامت على أركانها دول من الفكر والعلم والمذاهب والطوائف وبنفس الوقت وعبر هذه المفردة تحولت جميعها إلى أنقاض ... إنها المفردة الأكثر حضوراً في حياتنا اليومية منذ كلمة صباح الخير .. ولربما لن نبالغ لو اعتبرناها البذرة الأسطورية التي ملأت من مكتنزاتها تربة الفكر الإنساني فراديس معرفة و جهنمات ضلال ..

من أين نبدأ ؟

معنى التأويل :

في أدق معانيه وببساطة اللفظ ...التأويل هو تحديد المعاني اللغوية في العمل الأدبي من خلال تحليل وإعادة صياغة المفردات والتراكيب ومن خلال التركيز على مقطوعات غامضة أو مجازية يتعذر تثبيت معناها ..هذا بخصوص العمل الأدبي ..
وأما على العموم فهو توضيح مرامي وأهداف أي تركيبة لغوية (( علامات /إيماءات / إشارات /..))

الهرمنيو طقيا :

مصطلح يشير إلى ماعرف بنظرية التأويل ..وأفضل علي كلمة نظرية كلمة فن ..
والغاية من ممارسة هذا الفن هو تفسير وشرح النتاجات النصوصية وتحقيق التواصل مع اللآخر
مرسلاً كان أم متلقياً ..

مصدر الكلمة :

أعتقد أنه من أجمل جذور هذه الكلمة لسانياً هو مامرني صدفةً وأنا اقرأ منذ زمن دراسة عن هذا المصطلح حين نسب الكاتب اشتقاق هذا المصطلح إلى لفظة هيرمس
هيرمس هذا كان يعرف عند الإغريق بأنه إله رسول بين لآلهة الأوليمب ..أو بينها وين البشر ..وهنا نجد معنى أنه كان مسؤول عن التفسير والتوضيح والتوصيل .. وهو يخدم ما قصدناه بكلمة تأويل ..

غاية الهرمنيو طقيا :

الهرمنيو طقيا ليست منهجية لها قواعد وشروط وممارسات منظمة ....وكذلك لاتقتصر فقط على المجال الأدبي ..
ولا حدود تؤطر هذا المصطلح ... إن الهدف والغاية باختصار ووضوح هو البحث عن المعنى والحاجة إلى توضيحه وتفسيره لتحقيق التواصل ..والاتصال بين أطراف الخطاب ..

البدايات :

من أهم الدوافع لاستخدام فن التأويل مع النصوص كان هو تكوين القواعد التي تحكم التعامل والقراءة للكتب المقدسة وكذلك الحواشي وتفسير المعاني ..لامكانية تطبيقها عملياً على الواقع ..
وهي الولادة الأولى للهرمنيوطقيا ومن ثم بدأت تتصاعد الحاجة والرغبة إلى تكوين الإجراءات
والمبادئ المستخدمة في الوصول إلى معاني النصوص المكتوبة بما في ذلك النصوص الأدبية والقانونية والتعبيرية إلى أن وصلنا إلى عام 1819 عندما قدم الفيلسوف الألماني ((شلاير ماخر))
فكرة تأسيس نظرية سماها (( صنعة إدراك النصوص)) ولكن من تبنى هذه الفكرة وأعطاها سمة النظرية وأكمل ملامح بحثها هو الفيلسوف (( فيلهيلم ديلثاي )) فعرف الهرمنيوطقيا بأنها
نظرية التأويل التي تعنى بتحليل وتفسير وفهم أشكال الكتابة في العلوم الإنسانية ...

أساس التأويل :

إن الخلاصة التي توصل إليها ديلثاي تقول بأن (( كي نفهم أجزاء أي وحدة لغوية علينا أن نفهم هذه الأجزاء المكونة وعندنا حس مسبق بالمعنى الكلي ...لكننا لانستطيع أن نعرف المعنى الكلي إلا من خلال معرفة معاني مكونات الأجزاء )) هذا الكلام أدبياً ينطبق على العلاقات بين معاني الكلمات ضمن الجملة ومعنى الجملة الكلي من جهة وعلى العلاقات بين معاني الجمل المفردة ((الأنساق )) في العمل الأدبي مع المعنى الكلي للعمل الأدبي (( السياق العام ))
مثال :
يقول محمود درويش في قصيدة (( حصار بيروت ))

(( سقطت ذراعك فالتقطها
واضرب عدوك
وسقطت قربك فالتقطني (1)
واضرب عدوك بي ..

قتلاك فيك ذخيرة
فاضرب فأنت الآن (2)
حرٌّ ..))

هذان النسقان الأول مؤلف من مفردات لها معاني وانزياحات للمعاني وتوظيفات.. بين هذه المعاني علاقة وهي بنفس الوقت لها علاقة وصلة بمعنى النسق ,,,
وكذلك الأمر مع النسق الثاني ..
ولكن باعتبار أنهما في نص واحد فإن بين معنى النسق الأول والثاني ترابط له معنى هذا المعنى مرتبط بالمعنى الكلي للنص ..

طبعاً ماسبق من كلام ليس توجيهاً لنعرف كيف نفسر النص ولكنه شرح لما يحدث عند المتلقي
بطريقة لا إرادية وخفية ..

طبعاً هذه الدائرية أو الحلقية ربما قد نفهم منها بأنها عدمية أو خبيثة ..ولكن في الواقع أجاب ديلثاي
عن ذلك بأن قال بأننا نستطيع التوصل إلى تأويل مشروع من خلال التبادل المستمر بين إحساسنا المتنامي بالمعنى الكلي للنص وفهمنا الاسترجاعي لمكوناته الجزئية .. فنحن عندما نقرأ لأكثر من مرة نفس النص تبدأ الفكرة العامة للنص بالتشكل لدينا مما يسنح لنا بإيجاد ترابط بينها وبين معاني أجزاء النص ..

مفترق طرق ... :

وقفت نظرية التأويل على مفترق طرق وخاصة بعد أن أصبح مفهوم العمل الأدبي يدرس على انه مادة لغوية ..تابعة للغة النظام .. وأن النص محكوم بقواعدية لغوية ومجموعة من الأعراف والتقاليد الكتابية والنحوية ..فكان أن انقسم أصحاب نظرية التأويل إلى خطين :
الخط الأول (( ايميليو بيتي / هيرش )) ومن تبعهما والخط الثاني (( هانس جورج غادامير )) ومن بعده ,,

((يتبع ))

 

التوقيع

emar8200@gmail.com

د.باسم القاسم غير متصل   رد مع اقتباس