منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - ولن ترى غداً ..
الموضوع: ولن ترى غداً ..
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-28-2007, 06:47 PM   #1
خـالد الشمري
( كاتب وناقد )

Unhappy ولن ترى غداً ..


عندما يسكن المساء تجلس وحيداً في مسافات النسيان، ويبعثرك المكان حيث لا تدري أين أنت وكيف وصلت إلى هنا! أو تسأل نفسك كيف أتى الليل سريعاً؟ وكيف جلب معه الذكريات و أوراق الزمان المطوية من سنين الحرمان العجاف ، ثم تنام ببطء مميت، ولا تشعر بجسد إلا عندما تحس بالمكان من حولك يتسع فـ تصرخ في نفسك تنهيدة الصباح، لكي تملأ بضجيجك المكان المتسع من حولك مع انطلاقة (( حيّ على الفلاح ))...
فتجلس وفي قراره نفسك مرارة الزمن الذي يأتي بطيئاً ويذهب سريعاً..

ومسا....فات وانقضى بحلمة وطيفه وأصبح العمر (( زمن )) فأنت مُجرد وقت وزمن وأنفاس تخرج زفيراً وتعود شهيقا، ً وكأنك تفرغ رئتيك من روحك المحتبسة في الردهات المشتعلة من الجمر والصبر ..
وعندما تتوقف تلك الأنفاس يتوقف ذلك الزمن، نعم سوف يتوقف و سوف تموت وحيداً ، حتى روحك سوف تغادرك، ولن ترى غداً ، فغداً سوف يشرق الصباح الجميل ويعطر بأنفاسه أحلام الزهر وعنفوان المطر .. لكي تبدأ شمس يوم آخر يفتقد وجودك، لقد ذهبت إلى رحمة الله دون أن تستمع إلى حديث جديد ودون أن ترى طفلاً يحمل أحلامه في حقيبة المدرسية، ويطبع القبلة على جبين والدته لكي يستيقظ إشراق آخر وقصة أخرى لطفل صغير ينمو وسيكبر سريعاً وسوف يموت دون أن يعلم ..!! وتتكرر الحكاية وتنتهي البداية ..

فهذا العمر الفاني، وهذا المساء المنقضي وهذا الحلم المنطوي ،وهذا الصابر المحتسب المكتوي ، وهذا الجرح الغائر ، هم آخر ملامح رسمها القمر والنجم الأحمر قبل سقوطهما في قاع السماء لكي يبزغ فجر آخر وينتهي يوم من أعمار الآخرين ..!! ولعلك تفكر في قبرك الآن وفي محاولة يأسه لكشف الملامح المفقودة في ذلك المساء، هل تذكر قبل وفاتك عندما كنت تتنهد الآهاآآآآآآآآت وترتسم دهشة هذا الصباح على ثغر زهرة واحدة استيقظت قبل شروق الشمس فا تبتسم الزهرة
وعبست أنت بوجهك الشاحب وأنكسر النور وأنطفئ في عينيك وكأن الغيوم خبأت النور لكي لا ترى الأمل في تحليق العصافير ...
فتسأل المساء الذي انقضى عن أحلام البارحة و في الأسباب والغياب، وتقرأ (( تقرع ))الأبواب وتنتظر خُطوات الأحباب قربك، إن كان هناك أحباب، وإلا لن يبكي أحداً على قبرك ..!!
و تسأل ذلك الغياب عن أسباب الغياب ..!! فـ تنكسر (( وتموت وتختفي)) وتذبل كـ اختفاء نجوم الليل عن عين عاشقها..!! وينقضي الليل، ذلك الليل الذي تغنى به الشعراء ..
ويبدأ رحيلٌ جديد وليل موحش لا يعرفهُ الشعراء ..!!
فهم هناك يفترشون القبور من حولك ، وسوف تغفو هذه الليلة دون جفون ..

وهناك من ينتظر ، هناك غد آخر وشخص آخر يرتسم الأمل على وجه، أنه آخر يرقد بين أجفان صحوة التفكير وانسدال الشوق وينشد عذب تراتيله الجميلة وهو يرسم من الطيف أملاً ومن الحلم عملاً ومن الليل مدخلاً ومن غيوم المحيط حبالاً ..!!
فيستيقظ من صحوته ويرسم المساء الذي فاآآآت ،مساء آآآت، ويغفو بين ذراعي طموحه وهو يرتل همهمات طفولته، فيقوم مترنحاً ويسأل البعيد عن القريب!، ويجيب لا قريب ولا بعيد فما هو آت حتماً هو آت..!!
ودع السؤال للجواب فلن يطول الغياب.!
فتشعشع الشمس شروخاً ذهبية في نسمات الغيوم، و تستيقظ تلك العصافير النائمة على الندى ،وتعود مُبللة من تحت نسيج الغيوم، وتغرد وتغني وتجف ، ثم تبث الزهور رحيقها وتقرأ شيء من تعاويذ الهجر المدفونة في قاع النفس، وتترنح الشمس في كبد السماء، وتنقشع الغيوم وتستيقظ تلك الزهرة التي نامت بين أحظان الندى ورياحين الجفاء ،فتعود المياه ترسم جداولها وتعود الحقول تستحث همة أشجارها، ويعود الظلام والشجن والسمر إلى ذلك المساء المفقود، أنها الحياة بدونك ..!!

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

خـالد الشمري غير متصل   رد مع اقتباس