منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - [ فِي رِحَابِ المُصْطلح ] : -11-الشكلانية ..(( منابع لاتنضب ))
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-02-2010, 04:48 PM   #117
د.باسم القاسم
( شاعر وناقد )

الصورة الرمزية د.باسم القاسم

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 624

د.باسم القاسم لديها سمعة وراء السمعةد.باسم القاسم لديها سمعة وراء السمعةد.باسم القاسم لديها سمعة وراء السمعةد.باسم القاسم لديها سمعة وراء السمعةد.باسم القاسم لديها سمعة وراء السمعةد.باسم القاسم لديها سمعة وراء السمعةد.باسم القاسم لديها سمعة وراء السمعةد.باسم القاسم لديها سمعة وراء السمعةد.باسم القاسم لديها سمعة وراء السمعةد.باسم القاسم لديها سمعة وراء السمعةد.باسم القاسم لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي النص / الكتابة (( التطبيع على دروب التأويل ))


النص /الكتابة ..... التطبيع على دروب التأويل :

أعتقد أن علاقتنا مع أي إنتاج أدبي فهماً أو تفسيراً أو تأويلاً تستوجب معرفتنا للمعمل أو المختبر الذي تم إنجاز النص فيه ..أو نقول أننا يجب أن نكون معنيين باللحظة التي قرر بها المؤلف إصدار النص ومن ثم فقد السيطرة عليه ..
إذاً هي حكاية شيقة من رواية التأويل التي لم تنتهي فصولها بعد ..

ولنبدأ مع النص منذ نعومة أظفاره فنقول :
لانتوقع أن ترد في عالم النقد لفظة ذات تداولية كبيرة إلا وقد تم توضيحها وتصنيفها ومحاوله جعلها مفهوماً قاراً يمكن الاستناد عليه أثناء محاولتنا للوصول لخلاصات نقدية ..
ومن هذه المفردات (( النص )) أو (( الكتابة )) وهما لفظتان ممكن أن يتناولها الخاصة والعامة في وصف نتاج أدبي ..

هكذا يريد البنيويون ...
من أوثق التعريفات تم طرح الكتابة من قبل المدرسة البنيوية على أنها مؤسسة اجتماعية زاخرة بالقوانين والأعراف التي تحكمها ولها سمات عامة تهيمن على ممارسيها من حيث أنها تبقى المرجع الفني الذي يعتمد في أي تواصل قائم بين الكاتب والقارئ ..

وتنضوي تحت مظلة هذه المؤسسة مختلف أنواع الكتابة بحيث أن كل نوع يحمل السمات العامة لهذه المؤسسة ولكنه وبنفس الوقت يتميز عنها بأعراف وشفرات وخصائص مقننة ...ونسمية هنا جنساً كتابياً أو نصاً كتابياً
فتصبح لدينا هذه الأنواع فروعاً ناتجة عن الأصل وهي الكتابة كمؤسسة ..
فالنص السياسي هو كتابة قبل كل شيء إلا أنه تميز بخصوصية ما صنفته على أنه سياسي وهكذا الأدب والاقتصاد ...إلخ

ما المهم من هذا الطرح إذاً ؟

يقتضي مفهوم الكتابة هذا معالجة عدة أمور وأعتقد أن من أهم المفرزات الناتجة عن تطبيق مفهوم الكتابة والنص على معادلة الفاعلية الأدبية (( نص /قارئ /مؤلف ))

هي علاقة المؤلف مع مؤسسة الكتابة فنقول

لكل مؤلف لغته وأسلوبه وخصوصيته في الطرح الذاتي ..ولكن عندما يختار المؤلف الدخول في الكتابة فهو يحولها إلى وظيفة يمنحها للغته ونصه ..إذاً هو يخضع خصوصيته اللغوية والأسلوبية لمؤسسة الكتابة التي كما أسلفنا تتألف من أعراف وقوانين محددة وبالتالي سيخضع النص وينتمي لهذه المؤسسة التي ستؤطره وتقدمه وتعطيه سمته الأدبية بقدر مايكون ملتزماً بأعرافها وتقاليدها ..
وبالتالي استقبال النص الأدبي من قبل القارئ هو حتماً متأثر بهذا الانتماء

مثلاً :

الفنان التشكيلي مؤلف له أسلوبيته وذاتيته وخصوصيته ولكنه اختار الرسم كمؤسسة تتبنى
هذه الأسلوبية والخصوصية فخضع بذلك لأعراف وتقاليد وخصائص مؤسسة الفن التشكيلي
هذه المؤسسة التي ستؤطر الإنتاج وتقدمه للجمهور ..وهكذا هو حال الشاعر أو الروائي أو القاص مع مؤسسة الكتابة الأدبية ..
وبقدر فهم المتلقي لمؤسسة الكتابة وإدراكه للحراك والآليات المحددة لها يستطيع أن يتعامل مع النص ويحدد طرق تأويله بعد أن اعتبرنا النص نتاج عن مؤسسة الكتابة قبل أن نضع أي اعتبار للمؤلف ..

ولكن أين ذهب دور المؤلف ؟

بدقة عالية وكأننا نمشي على صراط سنصل معاً إلى فكرة جميلة ودقيقة وهي فكرة التطبيع

نقول :
في فن التأويل يعتمد القارئ ويبحث دائماً عن سبل إدراك العالم الذي يحيل إليه النص ..
أو فلنقل إن القارئ لابد أن يبحث عن مرجعية ثقافية تعتبر مسلمة طبيعية أحاله النص إليها
فما تأويل الشيء إلا عملية إخضاعه وتبيئته ضمن صيغ ونظام ما هيأته الثقافة مسبقاً ..
ولكن من الذي سيسمح بـتأمين هذه العلاقة بين النص والقارئ .. إنه المؤلف
المؤلف هنا يقوم بمجموعة من إجراءات وقد تم طرح هذه الإجراءات من قبل البنيويون والشكلانيون الروس وأخذت عدة مسميات
ومنها :

الإنعاش :
هي محاولة تطهير النص من الشوائب والبقايا وإدخال جميع عناصر النص في صيرورة الامتصاص والإشباع الكلي بحيث تتفاعل جميع أجزاء النص لتشكل وحدة عضوية متكاملة ..

التطبيع :
وهي محاولة تطويع الغريب والشاذ وإخضاعهما للنظام الخطابي وأعرافه ممايضفي صبغة الطبيعية والواقعية عليه..

التحفيز :
وهي عملية التعليل والتبرير لأجزاء وعناصر بحيث أنها لاتبدو في العمل متسمة بالعشوائية
والتناقض وعدم الإتساق ..

قابلية الموثوقية والمصداقية :

وهي من أهم الطروحات والقضايا التي يشتغل عليها المؤلف ..وهي تحقيق ارتباط النص للأنموذج الثقافي لما هو حقيقي أو واقعي والذي سنعتبره مصدراً للمعنى أو الانسجام والتوافق ..
ومن أجمل تعريفات هذا المصطلح ((قابلية الموثوقية والمصداقية )) : هي العلاقة التي تقوم بين النص وبين أي نص آخر عام ومتشعب قد نسميه (( الرأي العام )) أو أي شيء صيره العرف
السائد (( التراث )) مناسباً ومتوقعاً للطرح الأدبي ..
ملاحظة : قد يقوم الناقد (( القارئ المثالي )) وليس بكل الإجراءات السابقة في سبيل تأويل النص فالمفترض في كل نص اعتماد هكذا أساليب والناقد هو من سيبحث عنها
مثلاً ( لاتخلو كتابة شعرية مما سبق وخصوصاً إذا كنا امام شاعرمحترف )

إذاً أيتها السيدات والسادة :

مجموع الإجراءات السابقة هي التي نطلق عليها وبكل بساطة عملية تنقيح النص ..
نعم ..
قد يخرج الشعر دفقه واحدة أو متكررة ..وكما أسميها شخصياً بلحظة الانخطاف
ولكن في النهاية يستيقظ الشاعر ليحاول أن يؤمن سبل التطبيع بين القارئ والنص ليعطي الشرارة الأولى لعملية التأويل ..
هذا مايفعله الشاعر تماماً لينجو برأس نصه الشعري من مقصلة الهذيان والهرطقة والجزاف . .
واسمحوا لي بالعودة إلى مصطلح ((قابلية الموثوقية والمصداقية )) لما له من أهمية كبيرة خصوصاً أن النصوص المعاصرة توشك أن لاتخلو من استخدام هذا الإجراء فنقول :

حدد جوناثان كولر خمسة طرق لتحقيق قابلية الموثوقية والمصداقية ويكون النص قابلاً للإدراك

*النص الاجتماعي :
وهو الخطاب الذي لايقتضي التبرير والشرح فهو يعتمد على المسلمة البدهية كأن نقول
لكل شيء بداية ونهاية .. أو ..الإنسان تحكمه العواطف والعقل ..

* النص الثقافي :
ثمة نصوص ثقافية ومعرفية متفق عليها في كل مجتمع يمكن للنص أن يرتبط بها كقوالب ثقافية جاهزة ..صحيح أنها قد تختلف من مجتمع إلى آخر إلا أنها تسهل عملية تبنيها كمرجعية للتأويل
ويستمد النص قابلية الموثوقية والمصداقية منها ..مثلاً إن كانت شخصية ما في رواية تعاني نقصاً جسدياً وهي سيئة وذكية بنفس الوقت فيكون من الطبيعي أن توصف بعبارة ( كل ذي عاهة جبار )
هذه العبارة هي مسلمة ثقافية عند القارئ وهو يدرك إحالتها الدلالية ..

* نماذج النوع الأدبي :
لكل نموذج أدبي كما هو معروف تقاليد وأعراف هذه التقاليد والأعراف إذا أحاط بها القارئ يستطيع أن يبرر ويعلل أي إجراء أو انحراف بالنص ويقبل به ..
مثلاً الشاعر له عالم خيالي واسع يجعلنا نقبل منه الكثير من التهويمات والتناقضات كون جنس الشعر قد عرف عنه ذلك ..والمسرح والرواية والقص ..وهكذا ..
إذا هنا النموذج الأدبي يمنح قابلية الموثوقية والمصداقية والتقبل لدى المتلقي وربما أيضاً يوجه عملية التأويل ..وذلك حسب إحاطة القارئ بأساليب هذا الفن (( المؤسسة الأدبية ))

* الطبيعي عرفاً :
وهو من أجمل المستويات وبحاجة إلى مهارة ..
فهنا يقوم المؤلف بالخروج عن أعراف وتقاليد نوع النص الذي يكتبه ..بشكل مفاجئ
مثلاً في سياق نص شعري ..يخرج الشاعر لنا بعبارات واضحة وناقدة ومناقشة لماسبق وهذه العبارات ليست موزونة ولاحتى لها علاقة بالشعرية ..
هذا النقض يلفت نظر القارئ ويجعله يطبع علاقته بالنص ..من خلال قراءة مثل هذه الحيلة
على أنها موقف المؤلف ويؤل ويفسر النص على هذا الأساس ..

*المفارقة والمعارضة الساخرة :

إذا اقتطف النص من نوع أدبي آخر أو عارضه معارضة ساخرة هنا نقدم للقارئ آلية التأويل على طبق من ذهب خاصة إذا كانت المعارضة أو السخرية واضحة فهنا سيشتغل القارئ على كلا
النصين الأصل والنص المُعارَض ليبحث عن نقاط التماس والاختلاف بينهما

السيدات والسادة ..
كل ماسبق ليس قوانين نطالب بها ..
إنها وببساطة محاولة لوصف حالة القراءة ..
إنها وصف لذواتنا المفكرة ..
إذا تمعنا في ذواتنا كمؤلفين ..أو قراء ..فسنجد بأن الكثير مما سبق ذكره نقوم بممارسته دون أن نشعر ..
النقد هنا يحاول أن يضع إطاراً لما يحدث أثناء اتصالنا أو بثنا لنص ما ..
سنتابع إن شاء الله في مصطلح الشهر القادم (( النص المغلق /النص المفتوح ))
أرجو المتعة والفائدة للجميع ..
وتقبلوا من الاحترام والتقدير ..

 

التوقيع

emar8200@gmail.com

د.باسم القاسم غير متصل   رد مع اقتباس