هي و العود
جورج جرداق
أهواكَ وتعشق آهاتي
ودموعكَ تملأُ كاساتي
في صوتكَ يا فرحَ الماضيْـ
ـنَ ويا زمنَ الحبّ الآتي
شوقٌ وحنين وولوعٌ
وكأنكَ وحدكَ مرآتي
نغماتُكَ تلبس أيامي
وتُوشّحُ بالحلم حياتي
غنّيتُ فأحرقني عطري
وانساب الليلُ على شَعري
والتفّ الوردُ على خَصري
وأنا أتشوّق أن أدري
ما سرُّكَ يا عودُ وسِرّي !
بشجوكَ يا عودُ لحنُ السفرْ
وشوقُ الصحارى لصوت المطر
وعاشقُ ليلٍ يحبّ السهر
يبوسُ القمر
ويهوى عيونَ بناتِ الغجر
وينادي الليلَ ولو طوَّلْ
ويقول له: قفْ لا ترحلْ
الحبُّ أنا، والشوقُ أنا
فارجعْ يا ليلُ من الأوّلْ
****
آهٍ ما أعمقَ صوتَ الحُـ
ـبِ، وما أشهاه بأوتاركْ
ما أبهى العمرَ تُطيّبهُ
بـ «لياليكَ» وبـ «أدوارك»
آهٍ ما أعذبَ أخبارَ الْـ
ـعُشّاق تذوب بأخبارك
وحديثَ النايِ إلى القانو
نِ وزهوَ الطبلةِ بجوارك
في صوتك أمواجٌ ، يا عُو
دُ، تئنَّ فما تعرفُ ساحلْ
فيه من وادي النيل وأَرْ
ضِ الشامِ حدائقُ وخمائل
وليالٍ من بغدادِ أبي النْـ
ـنَوَّاسِ، وسحرٌ من بابل
وسحائبُ طيبٍ من لُبنا
نَ، عُقِدنَ خصوراً وغلائل
وصبايا ترقص لاهيةً
ما بين مَجامرَ ومشاعل
وتنادي الليلَ ولو طوَّلْ
وتقول له: قفْ لا ترحلْ
الحبُّ أنا، والشوقُ أنا
فارجعْ يا ليلُ من الأوّل
أراكَ يا عُودُ صَبّاً
أضناه سهدٌ طويلُ
أغراه كلُّ جميلٍ
وشاقه المجهولُ
وأنتَ بالله قل لي،
يا عودُ ماذا تقولُ !
أجبتَ وهمسُكَ ملءُ الليالي
جواباً تضمّن ألفَ سؤالِ
وقلتَ: تعالَيْ إليّ تعالِي
ويكفيكِ أني أُغنّي أغنّي
وأنيَ مثلكِ أجهل حالي
وأنادي الليلَ ولو طَوَّلْ
وأقول له: قفْ لا ترحلْ
الحبُّ أنا، والشوقُ أنا
فارجعْ يا ليلُ من الأوّلْ