منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - إذا الصُبحِ تنفس...
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-16-2010, 09:48 PM   #16
صبا الكادي
( كاتبة )

الصورة الرمزية صبا الكادي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 16

صبا الكادي غير متواجد حاليا

افتراضي


(16)
عندما تعيش في منزلك وأنت تحت تهديد الطرد والذل وقد ينتهي الأمر بك إلى أرض لا تجد فيها يد حانية تتذكرك بفتات خبز يقوي جسد ضعيف من أهم سماته النحافة الشديدة.
ليس بالأمر الهين والله.
كان هذا حالها وهي تشتكي لي من ضيق الحياة في عينها هي وصغارها ،
شاءت الأقدار أن تكون طليقة رجل منذ أكثر من 8سنوات ولم يرسل لها ورقة تثبت أنها مطلقة منه إلا قبل أسبوعان فقط.
تركها هي وصغارها في شقة دون دفع الإيجار أو لو قليل من مال تقضي فيه حوائجها.
ما أحزنني حقا هي عزة نفسها ولو لم أجبرها على الحديث لما نطقت وباحت لي بظروفها.
من الصعب أن تستلم امرأة خطاب أشعار بإخلاء المنزل أو القضاء والشرطة هو الفاصل.
تنام وهي لا تعلم هل سيصبح عليها الصبح وهي تحت سقف بيت يؤويها هي وصغارها ،
وهل ستعود ظهرا لجداران تحتويها أم شارع قد يكون بها ارأف من ذلك الزوج الذي يغفل عن حساب يوم القيامة
وبأنه سيسأل عنها وعن صغارها.
طوال حديثها وأنا أرقب يديها وكيف كانت تفركهما من شدة الإحراج.
وأنا أشد إحراج منها أحاول أن أخفي يدي التي فيها ساعة قيمتها قد تكون قوت لها لعدة أشهر.
شعرت بمدى سطحيتي أمام قوتها وصبرها.هل يعقل؟؟
كل هذا يختلج في صدرها وأنا أراها كل صباح تبتسم لي وتحييني بكل طلاقة.
عزيزة نفس هي لذلك كنت أرى بأنها تستحق من يقف معها.ووعدتها خيراً.
وعندما عدتُ لها بعد عدة أيام اطلب منها الإشعار ابتسمت لي وقالت بنقاء لا مثيل له: أشكرك بأنك لم تنسي أمري.فلقد اعتدت أن أكون وحيدة ولا أحد يتذكرني ويتذكر حاجتي للحياة وللأمان.
وفي الحقيقة..أنا من يشكرها فلقد تعلمت منها الكثير والكثير..
تعلمت منها بأن الحياة إن صفت لك يوم فلك يوم أغبر وبالأمل نتجاوزه ،
وأن الصبر والصمت عن المآسي قناع يخفي خلفه الكثير من الألم ولكن قوة الإيمان تجعله أجمل قناع نرتدي،
علمتني بأن عزة النفس أعظم من كنوز كسرى وقيصر وبأن ما عند الله لي فيه نصيب شاء البشر أم لا،
وذكرتني بأني أن نمت ليلا أن أذكر هذا الدعاء:
" الحمد الذي أطعمنا و سقانا وكفانا وآوانا.فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي".
دعاء عظيم جدا وله فضل كبير ليتنا نذكره ونحن في فراشنا الوفير.فلا نعلم على ماذا سـ نصبح.

 

التوقيع

فراغٌ مُزدحم..

صبا الكادي غير متصل   رد مع اقتباس