
مَشْهَدٌ أَوَّلْ
غُرْفَةٌ مُظْلِمَة
وَشَبَحُ رُوحٍ متقرفص الجَسَدْ
هُنَاكَ بِأَقْصَى حُجُرَاتِ الأَلَمِ
شَهِيْقٌ مُتَقَطِّعٌ
وَزَفِيْرٌ خَافِتْ
وَلِلْحِكَايَاتِ سُطُورٌ وَسُطُورْ
سَتَائِرُ الخَيْبَةِ مُعَلَّقَةٌ فَوْقَ عَمُودٍ مُتَهَالِكٍ
تَكَادُ تَسْقُطُ عَلَى تِلْكَ الرُّوحِ هُنَاكْ
لِتَقْضِيْ عَلَى مَا تَبَقَّى مِنْ أَنْفَاسِهَا
مَا أَصْعَبَ أَيَّامَ الحَنِينِ
وَمَا أَقْسَى لَيَالِي الانْتِظَارْ
جَسَدُ تَلاشَى بِعَتَمَةِ الصَّمْتِ
غَوَايَةُ الألَمِ لَهُ مَلاذْ
رَقْصَةٌ مُحَدَّبَةُ الظَّهْرِ
مُنْحَنِيَةُ الأقْدَامِ
أواااه
زَوَايَا مُعَتَّقَةٌ بِرَائِحَةِ أَنْفَاسِهْ
تُحَلِّقُ بِرُوحِهَا بَيْنَهَا كَـ المَجْنُونْ
تَبْعَثُ بَيْنَ خَلايَا المَكَانِ رَجْفَةَ الاشْتِيَاقْ
تَشْخَصُ بِبَصَرِهَا أَيْنَمَا كَانَ آمِلَةً أَنْ تَلْمَسَ طَيْفَهْ
هُنَا كَانَ يَتَحَرَّكُ بِبُطْءٍ
وَهُنَا كَانَ يَجْلِسُ يُفَكِّرُ وَيُدَخِّنُ سِيْجَارَهْ
وَيَنْفُثُ بِرُوحِهَا نَارَهُ المُشْتَعِلَةْ
وَهُنَاكَ كَانَ يَجْلِسُ لِيَنْظُرَ لَهَا
مَا كَانَتْ تَعْرِفُ لِنَظْرَتِهِ مَعْنَى
مَا كَانَتْ تُدْرِكُ أَنَّ نِهَايَتَهُمْ بِدَايَةُ تِلْكَ النَّظْرَة
هَلْ كَانَ يُوَدِّعُهَا
هَلْ كَانَ يَحْتَضِنُهَا بِعَيْنِهْ
هُنَا عَلَى عَتَبَةِ هَذَا البَابِ
آخِرُ مَرَّةٍ رَأَتْهْ
وَهِيَ تَقِفُ عَلَى رُؤَوسِ أَصَابِعَهَا لِتَلْثُمَ جَبِينَهْ
وَتَقُولَ لَهُ بِكُلِّ حُبٍّ
أُحِبُّكَ يَا أَنَا
وَخَرَجَ
أَمْ خَرَجَتْ مَعَهُ رُوحُهَا
لاَ تُدْرِكْ
غَيْرَ أَنَّ الرُّوحَ حَلَّقَتْ بَعِيْدًا
وَبَقِيَتْ وَحِيْدَهْ
رَحَلَ عَنْهَا
أَمْ هَجَرَهَا
فَقَطْ رَحَلْ..!!
مٌخَلِّفًا وَرَاءَهُ شَبَحَ أُنْثَى
هَرَعَتَ لِنَافِذَتِهَا تَنْتَظِرُ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ مُوَدِّعًا لَهَا
وَلَكِنَّهُ كَانَ للرَّأْسِ مُطَأْطِأً
وَاخْتَفَى
وَاخْتَفَى
مَشْهَدُ نِهَايَةٍ بِلاَ نِهَايَة
تَكَوَّرَتْ عَلَى جَسَدِهَا
وَنَثَرَتْ حَبَّاتٍ مِنْ دَمْعَاتِهَا
وَبَقِيَتْ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ لِقَائِهَا بِهْ
لاَ شَيْءْ
فِهِيَ كَـ العَدَمِ قَبْلَهُ وَمَعَهُ وَبَعْدَهْ