منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - [ بعضُ فرح ] ..!
الموضوع: [ بعضُ فرح ] ..!
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-22-2010, 02:04 AM   #544
فرحَة النجدي
( كاتبة )

الصورة الرمزية فرحَة النجدي

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 745

فرحَة النجدي لديها سمعة وراء السمعةفرحَة النجدي لديها سمعة وراء السمعةفرحَة النجدي لديها سمعة وراء السمعةفرحَة النجدي لديها سمعة وراء السمعةفرحَة النجدي لديها سمعة وراء السمعةفرحَة النجدي لديها سمعة وراء السمعةفرحَة النجدي لديها سمعة وراء السمعةفرحَة النجدي لديها سمعة وراء السمعةفرحَة النجدي لديها سمعة وراء السمعةفرحَة النجدي لديها سمعة وراء السمعةفرحَة النجدي لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي كنت و لا زلت أخاف صوت الريح !









نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة




كنت و لا زلت أخاف صوت الريح !

مذ كنتُ صغيرة و أنا أخشى هذا الصوت الذي يحدثه هبوب الريح الذي تتناغم معه أصواتٌ كثيرة كحفيف الأوراق المتساقطة و اهتزازات الأشجار و صرير الأبواب القديمة و كل شيء قد تجبره الريح على الحركة مرغماً فينتفض و يشجب بصوتٍ غاضبٍ هيمنتها عليه .. !
لا أعلم إن كنت حقاً جبانة و لكنني كنت أخشى صوتها الذي لطالما حاولت ايقاظ راشد من لذيذ نومه لأجل أن يحميني منه و لكنه لا يفعل سوى أن يستمع لشكواي ثم يعاود النوم من جديد ، لم أكن أعي يومها بأنه كان يصغرني بعامٍ واحد ، و لكنه كان راشد على كل حال ، الصديق الأقرب ، و المنافس الأجرأ ، و المعلم المتفاني ، و المغامر الشجاع . كنت في السادسة من عمري و كان هو ابن خمسة أعوام. كان لا يخاف شيئاً كما كنتُ أعتقد يومها ، أو لأقل على الأقل بأنه لم يكن يخاف الأشياء التي كانت تسبب لي رعباً قريباً من قاتلٍ يجعلني أبقى مستيقظة أبكي من شدة الخوف و أنا أضمُ وسادتي حتى بزوغ الفجر و انسلال أول خيوط الصباح إليَّ لأنام بعدها و آثار الدمع لا تزال طرية على وجنتي . و مع حلول السادسة و النصف بُعيد انطلاق أبي لجهة عمله، تأتي أمي للإطمئنان علينا فتمسح بقايا الدمع عن وجهي و تدثرني بعناية .. و أحيانا إن استشرى الخوف كنت ألج غرفة أمي و أبي بهدوء كلص و أندس إلى جانب أبي ليحتضنني بهدوء و أنام على صدره .
كنت أخاف أن أبوح لأمي بمخاوفي حتى لا أجازى بالصد أو الهدهدة التي لا تنفع مع خوف كالذي كنت أعانيه في صغري .. لم أخبر أمي يوماً بأنني أخاف صوت الريح إذ أن صوتها يذكرني بأم السعف _ الخضر _ و الليف التي دأبو على تخويفنا منها ، حتى علمت عندما كبرت بأنها لم تكن سوى حبيبتي النخلة . أحبيبتي هذه كانت تخيفني فيما مضى ؟! يا الله ، أيمكنني أن أعد هذه براءة أطفال من الزمن الجميل ، فأطفال هذا اليوم يعلمون أنها مسميات لإخافتهم ليس إلا في حين أننا لم نكن نعلم أو رُبما كنت لوحدي لا أعلم و أخوي على العكس مني .؟! أكنت جبانة و غبية أيضاً .؟!
لم يكن صوت الريح الشيء المخيف الوحيد بالنسبة لي فحتى الظلام كان يخيفني جداً ، و أصعق حين تمتد يدُ أحد أخويّ إليّ في الظلام ليتحسس من وجهي عينيّ فيعلم بذلك أغرقت في النوم أم لا .! ثم يضحك " ما نمتي هاه ، بفتن عليج " ، و أعلم أنه لن يفعل لأنه مثلي بقي ساهرا لم ينم !
الوحدة ليلاً ، لولا أن العمر يمضي و أنضج و تنضج معي لقتلتني خوفاً ! و إذ كنا نحن الثلاثة ننام في الغرفة ذاتها ، كان أخوي يغطان في نوم عميق ما إن يحتضن كل منهما فراشهما ، أما أنا فالوحدة تخلق لي رعباً ، لذلك كنت أسعى دوما لأن أغط في النوم قبلهما . في وحدتي كنت أرى نافذه الغرفة تصغر و تكبر ، و أسترجع ما قالته ابنة عمتي الكبيرة من حكايا عن الجن و الأبالسة ، كم ظلمتهم و ظلمتني معهم . لم تكن تراعي فارق السن بيننا و أنني كنت صغيرة بل و جبانة أيضاً !
و امتدت سلسلة مخاوفي لتشمل مشاهد القتل و الدمار ، بدأً بحرب البوسنة و الهرسك و انتهاءً بمجزرة قانا ! و لأن الكل مشغول بمتابعة الأخبار لم يكن أحد منهم متفرغا لينظر ما حل من دمار في داخلي خلفه الرعب و الذعر الذين قتلا الإحساس بالأمان فيّ لحظة بلحظة و مشهدا تلو مشهد .. أما الأولى فكنت يوم أن دارت رحاها ابنة سبع سنوات و كان حضن أبي الملاذ يوميا منذ انتصاف الليل و حتى موعد الذهاب إلى المدرسة حتى نسيتُ ما رأيت و عاودتني الطمأنينة و السكون . و أما قانا ! فبقيت معلقة بذهني ، كنت في الثانية عشرة من عمري و أذكر جيداً أنها صادفت يوم الجمعة ، أو رُبما عُرضت صورٌ لها يوم الجمعة في أخبار الثامنة مساءً ، حتى أن خنزيراً أبيضاً يُدعى بيل رفض أن يُطلق عليها مسمى مجزرة ! كم كان بودي أن أصفع وجهه يوم أن تفوه بذلك .. تلك الليلة سهرتها حتى الصباح متوعكة بالخوف و أنا أغالب شهقاتي و دموعي لألا أوقظ من حولي و أسترجع صورة جثة بلا رأس لأحد الضحايا ! و كان أن ذهبت إلى المدرسة يومها دون نوم ..

أووه ، الريح أحدثت كل هذا هنا ، جعلتني أسترجع أشياء كثيرة ! شكرا يا عزيزتي الريح ، صدقيني أنا لا أشكرك الآن خوفاً منك بل امتنان أن جعلت الذاكرة تقلبُ أوراقاً قديمة في رأسي و تعرض محتواها بكل اسهاب عليّ ..






*



الريح قوية في الخارج . أششش ، لا تشو بي عندها ، فأنا كنت و لا زلت أخاف صوتها / الريح !



* رحمك الله يا راشد

 

التوقيع



قَدْ سَفِهَتْ عُقولُ بَعْضِ الّناسِ حَتى اعْتَبَروا
قِلَةَ الّتَأَدُبِ مَعَ اللّهِ في أطروحاتِهمْ أَدَباً .!!


.



لله رب العالمين ،
ثابتة على قيَّمي نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


My Facebook
https://www.instagram.com/alnajdi_f/

فرحَة النجدي غير متصل   رد مع اقتباس