
قدم برنامج شاعر المليون على مدى مواسمه نماذج جميلة جداً لشعراء كانوا في انتظار مثل هذا المنبر للظهور , وكان الضوء حقيقٌ بهم .. فلم تلق بهم الظلمة ولا الزوايا القصية .. بعضهم كان ممن يأفل نجمه سريعاً فكان عمر شهرته بعمر وجوده في البرنامج وبعضهم واصل وإن لم يصل للقب , متخذاً من شاعر المليون نقطة الانطلاق لشهرته ونجوميته .. ولكن الخطأ الذي وقع فيه بعض من هؤلاء وأولئك أنهم أساءوا اختيار قصائدهم في البرنامج الجماهيري فقدموا أنفسهم للجمهور بصورة صنعت ارتباطاً بينهم وبين قصائدهم أو جزءاً منها .. وماأقرب لهذا الحديث من الشاعر عبدالرحمن الشمري والشامية الغلطانة .. هذه القصيدة عكست انطباعاً سلبياً عن الشاعر الشمري في ذهني .. وأعلم بأني في ذلك مخطئة .. كوني حكمت على شاعر من قصيدة .. ولكن هي سطوة الانطباع الأول الذي خلفته القصيدة , الانطباع الذي جعلني لاأبالي إطلاقاً ببقية قصائده ولا بالإنسان خلفها ..!
لازلت أذكر حديثاً مع أحد الأصدقاء حول عبدالرحمن الشمري ,
عندما دافع عنه ولم أبالي , على اعتبار المدافع " شمرياً " وقريباً أيضاً للشاعر , فكانت شهادته ودفاعه غير مبرر بالنسبة لي , إلى أن اشتعلت إضاءات تركي الدخيل على قناة العربية , فبدد نظرتي عندما كشف لنا الوجه المثقف والجانب المضيء والملامح الواعية له .. بدأتُ بمتابعة البرنامج رغماً عني بناء على رغبة شقيقي بالمتابعة وانتهيتُ منها وأنا أتمنى بأن لم ينتهِ ..!
عبدالرحمن الشمري أضاف لي اليوم الكثير مما لم أتوقع أن يضيفه لي شخصٌ مثله .. ليس انتقاصاً من شأنه بقدر ماهي تلك النظرة وذاك الانطباع الذي مافارقني إلا بعدما سمعت حديثه وأنصتُّ لثقته واستمتعت جداً بثقافته .. أحبّ عبدالرحمن أن يكون التعامل معه على اعتباره إنساناً قبل أن يكون شاعراً .. عندما ذكر له تركي الدخيل حادثة صوره مع رجل الدين المسيحي وعقّب الشمري بوجود أخرى مع رجل دين بوذي وأنه دخل كنائس ومعابد , وجاء رده حاذقاً على اعتبار الدخيل ذلك استفزازاً , مشيراً إلى أن الملك عبدالله يمارس ذات الدور التقريبي وأنشأ لذلك مركزاً خاصاً بل وأنه سبق في ذلك الملك .. تفصيلي لدرجة أن يصنف الشعراء ويدعوك للبحث والتقصي بعد أن تقرأ له , وأن تمنح المفردة الواحدة مدىً من المعاني .. والمعنى الواحد أفقاً من التأويلات .. ذكي جداً هذا الشاعر ومثقف ولكن خطأه أنه أخطأ تقديم نفسه ..!
*
ليس خطأ أن تتراجع عن موقف .. أو تعترف بسوء فهم .. كل الخطأ أن تكتمَ ماأعلنتَ خلافه ..!