منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - على يمين الطريق الدائري
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-12-2011, 04:14 PM   #1
سعد العتيق
( شاعر و قاص )

الصورة الرمزية سعد العتيق

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 0

سعد العتيق غير متواجد حاليا

افتراضي على يمين الطريق الدائري


أيّها المارّون سريعًا: هناك شيء على يمينكم, يبكي.. كان ينحرف إليه بسيّارته عن الطريق الدائري, في مكانٍ اختاره يخلو فيه بنفسه, فوق تَلَّةٍ من الحصى الأملس الملوّن بجميع ألوان الطيف, وبمختلف الأحجام, وتحتضن الحصى تربةٌ بيضاءُ نقيَّةٌ تتريّث بعض الوقت, ثم تغادر كلما أرادت لها الريح المغادرة, ويظل له الحَصَى.. يفترش التربة التي أبعد عنها الحصى مادًا ساقيه, يعطي ظهره للمدينة.. رسم له مسجدًا بغصن شجرةٍ بَرِّيَّةٍ لم يأبه لدمعها الذي تناثر فوق التربة حين اقتطعه منها وهو في طريقه ذات مساءٍ قبل أن يصعد التلّة, ثم ملأ الرسم بالحصى الصغير, وجعل للمسجد محرابًا يقف فيه ليصلّي فيه بمن خلفه, ولا أحد خلفه سوى سيّارته الهادئة في مكانها المعتاد.. تغرب الشمس من جهة الطريق الدائري فيؤذِّن للصلاة مقلِّدًا مؤذِّنَ حارتِه, ثم يقيم الصلاة, ويتقدّم للمحراب.. حين بدأ ينظّف مكان جلوسه من الحَصَى, ويأنس برميه للحصى, لم يكن يشعر بأنه يرميه في اتجاهٍ واحد وفي نقطةٍ معيَّنَة.. تراكم الحَصَى بمرور أمسيات خلوته, بَعْضُهُ فوق بَعْض, بأحجامه المختلفة وبكل ألوان الطيف, وأصبح شيئًا جميلاً في طوله جالسًا, وأمسى لا يأبه بظلام الليال الخالية من القمر حين يلفّه بعباءته.. يؤذِن لصلاة العشاء, ثم يقيم للصلاة, وبعد الصلاة يجلس في حديثٍ مع شيئه الجميل, وقد يغنِّي له في أمسيات النسمات العليلة, وقد يصغي له حين تتخلّله الريح.. كان يُخَيُّل إليه بأن شيئه الجميل يشاطره الحديث, ويتناوب معه الغناء, ويخيّل إليه بأنه يضحك لتقليده مؤذّن الحارة.. لكنه لم يتخيّل أنَّ عقربًا, أو ثعبانًا بإمكان أحدهما أن يستوطن شيئه الجميل, ويجعله يبكي.

 

سعد العتيق غير متصل   رد مع اقتباس