منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - [.. بَرْقِـيَّـاتْ ..]،.
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-19-2012, 04:02 AM   #1
جميلة الراشد
( كاتبة )

Lightbulb [.. بَرْقِـيَّـاتْ ..]،.



[.. بَرْقِـيَّـاتْ ..]،.

يَا وَطَن البيَاضِ:
عندمَا قُدِّرَ لي أنْ أحبُكْ، سقَطتُ منْ رحِمِ أمِّي علَى أرْضِك.!
:
:
(1)
كُلُّ بَحْرٍ لَا يثُور، وكُلُّ غَيْمَةٍ حُبْلَى بِالْمَطَر مَا هُوَ إلَّا اتسَاع لَا نهايةَ له منْ كفاحٍ أَرَاه على جبينِكَ مستلقيًا عَنِيدًا،.!
إنِّي أرَانِي فيكَ أبِي،
بحكمةٍ أسْقَيتَني إيَّاهَا لِأحْذَرَ كلمَا خطوتُ بقدمِي: اسْعي، و انْطَلِقِي.!

أختَبِئُ في ملَامحكَ المعجونةِ بِمَاء الطَّهَارةِ كلمَا سقَطتُ في ماءٍ عكِرٍ، فأغيبُ في حرمٍ بَاردٍ لَا أخشَى علَى نفسيَ فيهِ حتَّى منَ المَوت.!!
أحبكَ يا رَبيع القَلْبِ،
و أتوَسَّلُ إلَى خالِقي أنْ يكْشِفَ عنْكَ مَا أصَابكَ و تمطرنَا بأبوتِك.!


:
:
(2)
يا ابْتِسَامَة الرَّبيعِ و ثَغْرِهِ الفَاتِن:
كلمَا مرَّتْ فتْنَتكِ أجْزِمُ أنكِ لستِ منهنّ، و كأنَّ الجمالَ و الهدُوء قد أفعماكِ شذا، و أظهَرَا فيكِ حسْنًا
تجلَّى بِحنانكِ رغمَ هسيسِ الشَجنْ.!

يا رائحةَ الربيعِ وخمْرَته:
كلمَا انسَكَبتِ كلمَا دعوتُ ربيَ أنْ يديمكِ في الحيَاة، و إنِّي أعْلَمُ مدَى التعدِّي فيه لكنْ منْ يرغب عن السفينِ ساعةَ الغرَق؟!!

:
:
(3)
يا مَرْفَـئي المتَوّج صمتًا:
كلَّمَا تفَيَّأتُ بسِعَةِ صدْرِكَ امتَلَكْتُ زِمَامَ الحُرية، و كأنِّي أرَى تفاصيل القِلَاع و الطيور التي حولها.!
كلمَا اعتليتُ جوسَق الحديثِ زادت ثرْثَرة المعَاني، فأتسَّول في البحرِ أمامكَ غرقًا.!
شكرًا لصبرِكَ و صمتكَ ..
شكرًا لعدمِ تجشؤكَ أمامي على الأقلِّ و أنا أسْرِدُ لكَ تفاصيل أيامي دونَ أنْ تضيعَ الحروف.!!

:
:
(4)
إلَى منْ سقَطتُ في حِجْرِه:
يا وجه أبي..
يا غِنَاء أمي ..
يا عينَ المرفأ .!!
يا وطني.......!!
أعلمُ أن لَا أرْضَ أعرفهَا سواكَ، و لَا عين تَرَى الغيب إلَّا عيناكَ ساعةَ الحرب،.
وحدكَ منْ يعلم هشَاشَة الظل و اعوِجَاجِ ظهْرِه،!
وحدكَ تعلمُ أنَّ في صدرِ كل طائرٍ حزنًا مرًّا و جرْح لَا يترَفَّعُ عنْ أذيتهِمْ، يذعنُ في نتفِ إِحْسَاسِهِمْ بالحيَاةِ فوقَ أرْضِكْ.!

وحدكَ يا وطنِي الكَبير كالجَنَّة تعلمُ عدد الأسرَارِ المتكومةِ تحتَ حصيرِ الصمتِ ..
و تعلم كمْ من الحُروفِ التِي تكسَّرَتْ مثلَ الرِمَاحِ الصَدئَةِ في حرْبٍ طَاحِنَة.!

حينَ رأيتكَ هذَا المسَاء تجلَّى لي وجهُ أبِي حينَ يُكَابِر سَاعَةَ مرَضِهِ و يرْفُضُ علَاجه و قلوبنَا كقلبِهِ تنبضُ بنفسِ السرعَةِ و العَدَدْ،!
حينَ سمعتكَ هذَا المسَاء ارْتَعَشَ صوتُ أمِّي و هيَ تغنِّي بألمٍ خفيِّ دونَ أنْ نلمسَ سوىَ حجمُ التمزّق بصوتٍ أنثويٍ فاتِنْ،!
أخشَى عليكَ يا وطنِي...!
أخشَى أنْ يشُقَّ رأسِيَ هذَا الصقيعِ و يهويَ بي في منحدرِ الظلم،!!
:
:
يا وطنِي .!
أنْ أكتبَ لكَ فهذَا يعنِي أنَّ اللحَظَاتُ العَصِيبَة لمْ تعدْ موجودة، و كأني فصَلتُ مطر الصقيع بقطراتٍ واسعَةٍ من الزيتِ لِأتَحَرَّرَ و أُبْرِقُ لَك و أسألك عن ثلَاثِ أذرُعٍ لَا رابع لَهَا:
التبعيَّة، و روح الانهِزَام، و بَشَائِرِ النَّصْر..!
فهلْ ستمنحنِي كرسيًا أمَامَ ديوانكَ قبلَ أنْ يُبْتَرَ لِسَانِي؟!!
:
:
:

للبرقيَّاتِ تباعة بإذنِ الله في يومٍ آخر و مسَاحة أخرَى!



جميله بنتْ عيسَى الرَّاشِدْ.

 

التوقيع

"في جمال النفس يكون كل شيء جميلًا، إذ تلقي النفس عليه من ألوانها, فتنقلب الدار الصغيرة قصرًا لأنها في سعة النفس لا في مساحتها هي، وتعرف لنور النهار عذوبة كعذوبة الماء على الظمأ، ويظهر الليل كأنه معرض جواهر أقيم للحور العين في السموات، ويبدو الفجر بألوانه وأنواره ونسماته كأنه جنة سابحة في الهواء".
الرافعي*

جميلة الراشد غير متصل   رد مع اقتباس