منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - انطباعات، Symbolism
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-02-2012, 07:27 PM   #7
بثينة محمد
( كاتبة و مترجمة )

الصورة الرمزية بثينة محمد

 






 

 مواضيع العضو
 
0 مرآتي
0 :(
0 في الخفاء
0 ابتسامات المرأة .. :( :(

معدل تقييم المستوى: 21

بثينة محمد غير متواجد حاليا

افتراضي " ميمونة "، " أخضر يا عود القنا " للكاتب محمود تراوري.


محمود تراوري؛ كاتب في جريدة الوطن السعودية. صدرت له روايتيْ " ميمونة "، " أخضر يا عود القنا ". هنا قراءة بسيطة لهما.


ميمونة الخضراء؛ وثيقة سلام
(أخضر يا عود القنا) وَ (ميمونة) للكاتب محمود تراوري تعرضان نموذجا اجتماعيا لالتقاء الحضارات تحمل كلٌّ منها لونها المميز لتخرج لنا حضارة أكبر متمازجة الألوان. ألوانٌ تظهر في أكثر من شكل؛ هي الفنون من أدب، موسيقى، مسرح و تصوير، و الأفكار في صراع بين العادة و التجديد. هي ألوان الانسان!


بأسلوب سرديّ حديث تبتدئ (ميمونة) - بتعدد رواتها و نقلاتها الزمانية و المكانية - عرض التمازج الحضاري في الصدام بين المُرتحِل طوعا أو قسرا و بين المُسْتَقْبِل للمرتحِلين الذي يحَارُ في تعامله مع القادم المختلف عنه؛ الذي يجهله! و بالنتيجة تتمكن من نفسه الرهبة بشأنه لتدفعه إلى التعبير عن خوفه بالنبذ، أو الاستعباد و الإيذاء كمحاولة للسيطرة على هذا المجهول. و هو ما يظهر في الأحداث التي تعرض لها "عمر المسك".

و بتقليب شخصية "ميمونة" للماضي – القريب و البعيد – تصير كآلة زمن تُهَيِّأُ لـ (أخضر يا عود القنا) سِعَةٌ في النقاش للمخرجات التي فجرها تداخل الحضارات و ثبات الحضارة الجديدة المُلَوَّنَة. فتؤدي (أخضر يا عود القنا) عرضا مسرحيّ يُبْرِز آثار هذا المِزاج الانساني في مدى طويل. و تكون عدسة "عبد الودود" و رؤيته كفنّان تصويرا حيًّا لإجابات الأسئلة التي بدأتها (ميمونة) و وضع أسئلة أخرى يثير بعضها بعضا : هل هذا الانسان الذي دخل صدام الحضارات خرج انسانا كما دخل؟

ما يُضيفُ إلى القيمة الفكرية للروايتين الرمزية الجديرة بالثناء في القصتين التي تتركز في تعميم الرِّق التاريخي لتحويله إلى صورة للرِّق الذي أسميِّه أنا بـ التدمير الذاتي و هو ممارسة بالغة القدم كقدم تاريخ الرِّق لاستعباد المرء لنفسه فيعطي للآخرين شرفة مشرَّعة لاسترقاقه. تتصِّل هذه الصورة مع أهمية التراث و دوره كسلاح ذو حدّين يمكنه حبس الشعوب في فخ العادة و التقليد أو إعطائهم ضوء لدهليز العلاقات المعقدة عبر الزمن و الثورات العلمية، الحضارية، و الفنيّة. تبدأ (ميمونة) كَرمز الرٍّق و تُتِّمُ (أخضر يا عود القنا) كالصورة الحديثة/الحلّ أو ما يمكن اعتباره بنهاية مفتوحة تضع في يد القارئ مفاتيحا يختار هو الباب الذي يفتحه/النهاية التي يتصورها/ الأسلوب الذي يقرره في التعامل مع العالم

.
هذا الحوار الفلسفي المبطن في علاقة "عبد الودود" وَ "بدر"؛ الشخصيات المحورية التي تعينها الرواة المختصة بالخلفيات التاريخية على الظهور بشكل أكثر واقعيَّة بدلا من دورهما الفلسفيّ الحقيقي هو ما يسمى معرفيَّا بـ (حوار الحضارات). و يعرضه تراوري بشكل سلس و حساس بعد إخفاء الغلاف الفلسفي بطريقة سلسة لتجنب إثارة ملل القارئ و هذا مما يُحْسَبُ لصالحه كخطوة ذكية. فيصبح تراوري كـصاحب مسرح الدمى الذي يحكي - بطريقة مبسطة - تاريخا من صراع الحضارات في محاولة للحصول إلى حوار سلميّ.
و المثير للاهتمام في أسلوب محمود تراوري في الكتابة أنه يتراوح بين الثقافة العربية و الأجنبية. فهو لا ينسلخ عن الثيمات و الأفكار المجتمعية العربية و لا يتجاهل أيضا الأمور الانسانية المشتركة بين الثقافتين فيستخدم أساليبا معروفة في الأدب الأجنبي لإيصال الأفكار العربية و كأنه يدعو لنفس هذا الحوار السلميّ و المهادنة بين هذين العالمين الكبيرين بشتى ما يحتويان من حضارات مختزلة في داخلهما. فهل هذه رؤية للسلام العالميّ الذي يبتدئ بالسلام الفرديّ و الشخصي لكل انسان؟

بثينة محمد

الأربعاء 29 فبراير 2012

 

التوقيع




بثينة محمد غير متصل   رد مع اقتباس