كل شيء يمكن أن تستعيره إلا الحزن والعواطف والدموع ، لا يمكن أن تحزن بقلب الآخر أو تبكي بعينه أو تشعر بعواطفه مهما كنت على درجة من الإنصهار فيه ، أو التلون بلونه ، أو التمثيل الأدبي بلسانه ، تبقى الحقيقة ظاهرة في أدائك وهوية طرحك نثراً أو شعراً ، وبالتالي فإن تعاطف الآخرين معك وانجذابهم لك يتوقف على مدى واقعية القضية في حياتك وموضوعيتها من نفسك .
أحياناً تمر بنص ضعيف في صياغته وتراكيبه ، أو قصيدة مختلة في أوزانها ، ومع ذلك تجد أن دمعتك تنحدر على خدك ، وأنك قد فسحت من نفسك ومشاعرك لصاحب هذا الطرح مساحة كافية تجعله في ذاكرتك تعيشه في لحظات مماثلة مهما طال بك الزمان ، تحزن لحزنه ، وتبكي لبكائه وتتعاطف معه ، وتسأل نفسك ، ترى كيف انتهى الحال بذاك الشخص ( ذكراً كان أم أثنى ) مكلوماً في عشقه أو في أسرته أو في أي مشهد من مشاهد الحياة ؟ ، وما ذاك إلا لأنه ترجم مشاعره هو ، وتحدث عن معاناته بطبيعة وواقعيته ، وبث مشاهد حية في روح الكلمات التي سطرها لتبقى لسان حاله عند غيره ، وكأني به يريد مواساة أو دعوة في ظهر الغيب عل وعسى أن يرفع الله عز وجل عنه ما حل به ، وأن يجبر مصابه ، ويعوضه خيراً مما افتقده .
وحينما تفرض عليك قريحتك ترجمة مشاعرك تجاه هذا الشخص ، والحديث عنه ، فإن تعاطف الآخرين سيكون له ومن أجله ، وليس لك ومن أجلك ، لأنك نقلت معاناته هو، وأصبحت هنا همزة وصل لا أكثر ، وأعتقد أن الشاعر أو الكاتب لا يمكن أن يمتطي معاناة الآخرين ليحقق تعاطف الناس لصالحه ومن ثم الشهرة مهما كان فصيحاً ما لم يكن جزء من هذه المعاناة ، وإن وجد أحداً مؤثراً فهو إنسان فوق العادة .. كتبت لكم عن ذلك وأنا القائل :
[poem=font="simplified arabic,5,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
رباه جئتك والدموع نوادمي=والليل والهم الثقيل تبارا
والحزن أوقد ناره في خافقي=نار تضرم فـ الحشاءِ النارا
والجفن حاربه الكرى وتناحرا=وتباعدا .. وتعاهدا بالثارا
حتى غدا في وجنتي علامة = رمز العذاب وبصمة الإيثارا
" يا أيها الأعضاء " إني عاشـق=فـــــــي مــنــتــداكــم أجــــمــــل الأزهار
حــوريــة ســبــت الفؤاد بـحـسـنـهـا=وجـمــالــهــا .. وبـفــكــرهــا الــــمــــدرارا
عـانــقــتــهــا فــــكـــــراً وأهـــــــــدت قــلــبـــهـــا=وأهـــديـــتــــهــــا قـــــلـــــبـــــاً وفـــــــيّــــــــاً بارّا
كـــنّـــا مـــعـــاً والــلــيــل فــــــي هـــداءاتـــه=ســـمّـــار.. ومــــــا أدراك مـالــســمّـــارا
نضـحـك ونـلـهـو والـسـعـادة حـولـنـا=فــــيــــنــــا ومــــعــــنــــا وبـــيـــنـــنــــا أســـــــــــــرارا
ما كنا نعلم أن في الزمن الردى=حـــــتــــــى تــــكــــشّــــر نــــــابــــــه الــــــغــــــدارا
رباه أصلح بين ذات قلوبنا=واحفظ لنا من عهدنا ما صارا[/poem]
تحياتي ،،،
عبدالعزيز الجبره ،،،