منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - ..!
الموضوع: ..!
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-10-2012, 06:34 PM   #15
فيصل الرحيّل
( كاتب )

الصورة الرمزية فيصل الرحيّل

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 15

فيصل الرحيّل لديه هالة مذهلة حولفيصل الرحيّل لديه هالة مذهلة حول

افتراضي
















.

.

.

.





" دعوةٌ للحياة .. ! "



يقول الأديب الإغريقي .. // هوميروس .. !
مؤلف الملحمتين الإغريقيتين الإلياذة والأوديسة ... :

( إذا أردت أن تتخذ فتاة من الفتيات زوجة لك ..
فكن لها أباً وأماً وأخاً .. لأن التي تترك أباها وأمها وأخوتها لكي تتبعك ..
يكون من حقها عليك أن ترى فيك رأفة الأب .. وحنان الأم .. ورفق الأخ .. )



هذه المقولة الشهيرة .. من أجمل المقولات التي داعبت مسامعي ..
إذا أردت ...... زوجةً لك .. أي شريكة حياة .. فكن لها .. و .. و ..
فـ الجميع يعلم جيداً مدى أهمية العلاقة التي تربط الزوجين .. فهي تعد من أسمى
وأهم وأفضل العلاقات في هذه الحياة .. لمَ لها من قدسية خاصة في حياتنا ..
ولكن .. ما الذي كان يهدف إليه الكاتب حينما أوصى الرجل في علاقته مع تلك الفتاة ..
التي سيتخذ منها زوجة له حين قال .. ( فكن لها أباً وأماً وأخاً ) .. وكأنه أراد أن يوصي
الرجل جيداً كي يحافظ على هذه العلاقة ويحيط بها ويحتويها .. ويعيش حياته مع تلك
الزوجة بكل تفاصيلها وجوانبها السعيدة والحزينة فلا يهمل جانباً على حساب جانبٍ آخر ..
أو يلغي جانباً هكذا دون مبرر ..


منذ فترة وأنا اتساءل .. ترى هل هذه المقولة حكر على العلاقة الزوجية فقط .. ؟!
لا أظن ذلك .. فماذا لو اسقطنا تلك المقولة على معظم العلاقات .. ليس كل العلاقات ..
بل تلك العلاقات المميزة والخاصة التي ننتقيها ونصطفيها ونختارها بعناية وتروي ..
فـ نقول .. إذا أردت أن تتخذ صديقاً لك .. أو شخصاً مقرباً لك .. أو أياً كان ..
نتخذه صديقاً فقط أو زميلاً فقط .. لم لا أكون له صديقاً .. وأخاً .. وأباً .. وأستاذاً .... إلخ
حينها سنتمكن وبجدارة من الإحاطة بمجمل تفاصيل الحياة التي تجمع بيننا ..
فـ لماذا نعيش جانب الصديق فقط مع من يقع عليه اختيارنا ليكون رفيق دربنا .. ؟!


أين نحن من جوانب الحياة الأخرى مع الطرف الآخر ..
فـ الحياة ليست صداقة أو زمالة فقط .. الحياة ليست جانباً واحداً نعيشه ..
فهي أوسع من ذلك بكثير وأجمل وأسمى وأشمل بكثير من أن نحبسها في قم ..
يعد بمثابة الجانب الأوحد للمرء الذي لا يرغب في غيره ..


جميعنا نعلم جيداً أنه ليس بامكاننا التحكم بالأحداث والظروف التي نتعرض لها في حياتنا
في حين أنه بالامكان أن نتحكم جيداً بمشاعرنا واحاسيسنا وتصرفاتنا وعلاقاتنا التي نرتكز
عليها في التعامل مع محيطنا .. ومع من يحيط بنا فيه ..


الغالبية العظمى تعيش جانباً واحداً على مستوى الحياة والعلاقات التي يتم تكوينها ..
دون أن يعتري أحدهم الفضول للنظر إلى الجوانب الأخرى .. فتجد العلاقة مبنية ومختزلة
على جانب واحد فقط .. بغض النظر عنه .. أياً كان ذلك الجانب .. دون أن نسأل أنفسنا ..

ماذا عن الجوانب الأخرى .. ما الذي دفعنا إلى اهمالها وتهميشها ..؟!
وهل ستظل تلك الجوانب فارغة .. أليس من الطبيعي أن يتم ملؤها ..
ولا أظن أنه من الصواب بتاتاً .. أن يقوم بذلك أحد غير المعني بالطرف الآخر ..


وفي نهاية الأمر .. ما الذي سيجنيه المرء من عيشه جانباً واحداً يرغب به ..
لن يجني سوى مساحة من الفراغ تفصل بينه وبين الآخر وقد تبدو لنا تلك المساحة ..
مساحة مادية فقط تقتصر على الاتصال الخارجي والاهتمام والتواصل ..
في حين أن الهوة المعنوية التي خلفتها تلك المساحة أكبر بكثير .. وأكثر خطراً ..
وأشد تأثيراً على الحياة من جوانب عدة كـ السلوكيات والمعاملة و ..... إلخ


وتمضي الحياة بهما .. كما لو أنهما يعيشان في جوف طبل فارغ .. يسمع كلا منهما
الآخر .. لكن في حقيقة الأمر ليس سوى سماعاً ظاهرياً .. فلا يسمع الصوت من في أذنه
صمم .. فـ ينحصر التواصل بينهما على الأساسيات فقط .. دون أن يعرفا شيئاً عن مذاق
التفاصيل .. واللذة التي تنتابنا في مشاركة الآخر أدق التفاصيل .. فما أجمل أن نحيا
الحياة مع من نحب خطوة بخطوة .. بكل تفاصيلها .. حتى نصل إلى مرحلة يشعر فيها كلا
الطرفين بالتوق والشوق إلى تلك اللحظة التي يتقاسمان فيها جوانب هذه الحياة ..


ما بين الولوج والارتباط بعلاقة مع أحدهم .. والانتهاء أو الخروج منها ..
سواء نتيجة اختلاف أو أي ظرف آخر بما في ذلك مفارقة أحدهم الحياة ..
مساحة عمرية .. لا تقاس بالسنين أو الزمن .. بل تقاس بالذكريات واللحظات ..
الذكريات الجميلة .. الذكريات الحزينة .. تقاس بالضحكات التي نتبادلها ..
بالابتسامات التي نرسمها .. بالدموع التي نذرفها .. بالآلام التي نتقاسمها ..
تقاس بكل ما نجود به للآخر .. تقاس بالعطاء الذي لا ينضب .. تقاس بالبذل والسخاء
الذي نمطر به بعضنا البعض .. تقاس بحجم ومدى التأثير في حياة الآخر ..
كم كان لحضورنا مساهمة ومشاركة فعالة في حياة من نحب ..





( ... الفكرة ... )

دعوةٌ للحياة .. !
دعوةٌ لـِ زيارة كل جانب قمنا بإهماله في حياتنا عمداً أو غير عمد ..
كي ننفض الغبار من فوقه .. لـِ نستمتع به .. ونحظى بحياةٍ جميلة من جديد ..!

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة







 

التوقيع


faisalalraheil@.
.
تمهل أيها الفأس إن نصفك شجرة

فيصل الرحيّل غير متصل   رد مع اقتباس