محمود توفيق
أيام العطش : رواية مريم الضاني
الأديبة مريم الضاني أكدت في روايتها القصيرة ( أيام العطش ) حساسيتها الإنسانية المفرطة وتبنيها لقضايا الإنسان المنسحق ، وهنا نحن أمام ضحية قادها العرف إلى عطش مفتوح لا آخر له ، العرف الاجتماعي الذي يرفض العريس الوافد مهمًا كان خلوقًا حنونًا ومتفهِّمًا ، جرح إنساني حيٌّ وغائر وضعت يدي عليه بقراءتي لهذا العمل ، وكنت أشهد على الورق هذا التفتح الجميل الذي حدث للبطلة الأرمل ، هذا الانتعاش الذي يهب كالنسمة على شخصية يتمدد فيها التصحر العاطفي ويأكل عمرها وأحلامها الأنثوية المشروعة ، حينما بدأت تنمو فيها هذه المشاعر الطبيعية والعفيفة تجاه ذلك الرجل الذي ظهر بحياتها بهيئة الفارس البسيط المناسب ، نمت تلك المشاعر بها كما ينمو عشب على حجر ، نمت بشيء من الحياء والانطوائية والقلق ، ثم فوجئت بهذا العشب اللطيف والمكافِح الذي بللته الأحلام المسائية بالندى ، يحترق تحت شمس العرف الحارقة التي سطعت ، حتى هلك وتفتَّت بسرعة ، شمس العرف التي يمثلها هنا أب مغيَّب مترهِّل منشغل منكفئ على زوجه الجديدة التي لا رغبة لها في التواصل مع ابنة زوجها حتى بأقل درجات التواصل ، إن الأب لا يقدم شيئًا تقريبًا لابنته هنا ، إنه بعيد وغير متفهِّم ، ومع ذلك فهو حاضر بقوة العرف ، يدافع عن الشكل الاجتماعي والوساوس المتوارثة ولا يهمه في ذلك إن احترق قلب ابنته واستمرت في نزيفها الوجودي والعاطفي.
عمل يليق بالأستاذة مريم الضاني ، من حيث اشتغاله على العواطف النبيلة والهم الإنساني العميق.
بقلم الأديب المصري : محمود توفيق