من هو الماضِ هذا !؟ كم من السنوات والعقود والقرون التي وصلت له وصارت في مسكنه !
من أنت يامن عشناك ويامن قرأناك ويامن سمعناك ومع ذلك لازلنا نجهلك !؟
نجهل تضاريسك ونعرف أتراحك ، نجهل حياتك الأبدية ونعرف نهايتك المحتمة ، نجهل قوتك ونعرف مضيّك .
من أنت !؟ فالوددتُ أن أجدك روحا فأحدثك ، لوددت أن أراني أنا بك قبل نيّف وثلاثين سنة ، لوددت أن أخبرك وأنت مرتفعٌ في سببٍ بعيد كيف أنك مضيت وأنا بقيت لم أمضي ولم أتغيّر ، فقط ظهر الشيب في رأسي وكبرت سنّي وبدأ النوم يقلّ تدريجيا عنّي .
ماذا لو أخبرتك أني تخلصت عن كثيرٍ من الزمالات لأني أراها معك أفضل ! ماذا لو قلت لك إن ضيّ يعلوها وقار حوادثك الذاهبة ، وسمت تجاربك القاسية ، ابهلت النخلات الثلاث وذهبت عنهم ! ماذا لو أخبرتك أن الحاضر قلاه يومه فيأتِ عندك والناس تراه ماودع ولا قلا !.
ماذا لو أخبرتك أن الأرض تغيّرت والبيت تغيّر والجيران تغيّرت ، والناس زادوا ونقصوا ، وأنا لازلت ابتسم وأنشد قصائدي في بيتنا لازلت واحدة لم أصر اثنين أو ثلاثة ولاحتى عشرون !
ماذا أخبرك أيضا ؟ هل أقول لك أني لا أراني عندك ولا أتذكرني حتى ! هل أقول لك أني اجاهد أن أمحوني منك في سنوات الطفولة والصبا لا أذكرني بشيء مطلقا فلا يذكرني الأخرون
هل تعرف أيها الماضِ أنه من السيء أن تعيش حاضرك ومعك من يعرف ماضيك ، ولأنه كذلك أحببت أن أخبرك لمَ ماضيّ لا يزورني ولا أزوره ولا أحد يزوره : لأني وضعت خطا قبله فلا أتعداه ولا أحدٌ يتعداه .
لربما شاء ربِ فعدت أحدّثك فانتظر ماعندك شيء ترجوه أن يفسد يومك !
::