0:00 منذ أن ماتت الموسيقى في الطريق رأيت الحياة تتجه نحو الزوايا .
* عبء يمضغ بصمته
,
الساعة لها صوتٌ فاجر وثمن السيجارة له زعيق بين الممرات الرثة .أجل هنا تتكوم الأشياء العارية وتلقي بثقلها في فمٍ يلوكه العبث ولا يعصر جملته .
إنه عنوان أخرق لعدة صفحاتٍ لا تدخل من باب أكثر سماحة . اللين في التراب والقسوة في الهواء وجهان لهما ذات الغبطة . بل إنها رواية الفضاعة حينما تلامس حرارة الحزن في جوف هَرِم ومن ثم يتشجر كل شيء لدن .
وترى قناديل واضحة تفضح أطرافها نسائم الليل وينتشر في العتمة خيوط كثيرة بينما ينغمس في الظلام أصوات من غابوا وتركوا حدبة الكلام تميل أكثر .
تذكر أنه ذا جذور يابسة عميقة المبتدا وفي أصلها ثمرةً ناضجة و في دوائر زجاجية يقيم مثل الشارع ليلته الأولى دون مؤنس وجيبه فارغ من الأبواق والجباه وغضب الناس الجائعون . كل هذا مجرد إنتباهة رخوة .
وكإطلالات الفجر الأولى يُطل في صدره كلمة ًتعرف مكانها وتزيحُ الكثير من الركام لتضع حقيبتها جانباً وتبدأ بالنظر فيما حولها وصدره طيعّ لكأنما خسر كل شيء في غداة ضبابية وكأني أسمعه يقول بصوت فائض :
.. أكسر يدي على الباب فينطفئ العالم ورائي على نحوٍ يجر عربته في ظلال بعيد . فلا تحملوني هكذا عندما تكون الأكف مشغولة في التلويح وكل جسدي الذي ترونه هش .
ضل هكذا مبتل يقود القمح في طريقه وينادي للسفوح أيتها الواجمة هناك أنتِ يا من ترين وجه الحياة بعمق وبطريقة تشتبه علينا : كيف شكله الكلام الماكر ومن ثم يغمس جرته في الأرض ويحضن الرمل كما تحضن وجهه خيوط الشمس الحارة ويشرب من جبينه العطش أجل العطش الذي أنجبته بلاده بينما أصابعه لها حكاية جافة .
يرى عمره يموت أمامه يتقصف مثلما تتقصف السنابل العقيمة ويردد هذا الجفاف في حنجرته ليلثم طريقه بركلة حادة ويقول : لا يمكن أن يستمر هذا الغبن . و يضع يده على صدره والريبة تنخر رأسه , والطلاء الريفي إكتسح معظم تفاصيله وتجاعيد حياته التي ملأت محياه تئن تصرخ في ذراته : متى يفك الزمن رقبتي ؟
كيف يرمي فكه السفلى في ماء الوادي ولا يعطش والسماء صافية عارية تماما لا ندبة بيضاء فيها . وكل الأطلال التي يراها أصبحت غرفة للذكريات المرة .كان يصطدم عمش عينيه بالدنيا ولا يرى لقمة واحدة تسلم نفسها له وبالكاد هذا لن يحصل وقد ملأت الدنيا جسده أعباء وصناديق فارغة يحملها هكذا .مات الوادي منذ أن ماتت أمه وفرت الأشجار على مهل مثلما تفر الكلمات من حنجرة صغيرة والأمر التي جاءت من أجله أكبر بكثير من الكلمات نفسها . إنطفأت مصابيح الدنيا أمامه وضل يحمل الجفاف في طريق الأفواه الواسعة لتظهر على الشاشة الكبرى من الحياة أثار غير عادلة والهشاشة معظم ما ترك وفي محطة قروية أودع آخر ما لديه من كلمات هناك في وجه الباب الخشبي : أرجوكم إن ضللتم الطريق مثلي أنسخوا الحياة في لفافة تبغٍ هنا وأنطفئوا .
,
0:01 نصف ما تركته خلفي أصبح أكثر ما يؤلمني في المقدمة .
,
كل عام وأنتم بخير ..