منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - متى استعبدتم الأحرار؟
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-08-2012, 11:02 PM   #1
إيمان إبراهيم
( كاتبة )

افتراضي متى استعبدتم الأحرار؟


تسافر بنا آلة الزمن إلى الماضي البعيد، لعصر من العصور الغابرة، إلى "عصر الجاهلية". تبسط لنا السماء سحابها لنجلس ونطل على أهل ذاك العصر المظلم، حيث الأسياد يشترون العبيد بأبخس الأثمان، تُوَكل إليهم أصعب المهام التي لا تحتملها طاقة بشر دون مقابل ولا أجر أو كلمة طيبة تواسي كللهم. لم تجد هذه الفئة المستضعفة غير الإذعان للإهانة والتهديد بصمت مطبق، فلا دستور يكفل حقوقهم ولا سيف ضمير يقطع رؤوس الظلم، فيُشترون ويُباعون ويُفرقون عن عائلاتهم على هوى أسيادهم.
ولكن من قوانين الكون أن يقشع نور النهار ظلام الليل، ويفرد أجنحته في كل مكان ليسد ثغور الظلم، ويزرع الأمل في قلوب ظنت أن الألم سرمدي والعذاب أبدي، فتسافر بنا آلة الزمن إلى عصر الإسلام الذي بدد كل مظاهر العنصرية وحقق العدل والمساواة فأصبح الناس كأسنان المشط ، لا فرق بين عربي وعجمي ولا بين أسود وأبيض إلا "بالتقوى".
وتسطع عدالة الإسلام في مقولة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "سيدنا أبا بكر أعتق سيدنا بلال"، فهذا هو خليفة المسلمين لم يستح من قول "سيدنا بلال"، لأن سيدنا بلال قد سبقه في الإسلام الذي لا يفرق بين أبيض وأسود.
تتوالى السنون تترا، وبعد تحرير الإسلام للعنصرية بقرون، لازالت أمريكا وغيرها من الدول الأوروبية تستعبد الرقيق وتعاملهم كما الجاهلية الأولى، يسودها التخلف وقسوة الضمير. إلا أن الرحمة لمست قلوباً كثيرة، ومنها قلب الكاتبة "هارييت ستاو" التي شنت حرباً ضروساً في عام 1861م لتحرير الزنوج في الولايات الأمريكية المتحدة من مهانة الرق والعبودية ودافعت عن حق الإنسانية المهدور. لم تلق جهودها العملاقة ترحيباً في الولايات الجنوبية بادئ الأمر عكس الولايات الشمالية التي تلقتها بالترحيب وسعة الصدر. تدفقت الرسائل على الكاتبة منها المؤيد والمتعاطف مع هذه الفئة المستضعفة من البشر، ومنها معارض يرافق رفضه أبشع ضروب الإهانة والتهديد، وقد تضمنت إحدى الرسائل أذن رجل زنجي وورقة كتب عليها ما مفاده أن هذه إحدى النتائج المحتومة لكل حملة تشن من أجل الدفاع عن "الزنوج"...
وأنوه هنا إلى أن الكاتبة البطلة فازت بالمعركة، ولم تكد تدخل على الرئيس أبراهام لنكولن حتى هرع إلى استقبالها وقال: " مسز ستاو، إني سعيد بأن أرحب بكِ بوصفك مؤلفة تلك القصة التي أحدثت هذه الحرب العظيمة!"
ترسو بنا آلة الزمن في محطة القرن الحالي، لنشهد أن أهل الديانة الإسلامية التي تعتبر أول من قضى على العنصرية، عادوا إليها بصورة مقَنَّعَة . فنرى مثلاً في بعض المسرحيات التي يجب أن تكون رسالتها قدوة لغيرها في الفكر الراقي والفن الهادف، تسخرمن ذوي البشرة السمراء وتلقي في أجوافهم أبشع وأفظع كلمات السخرية والمهانة ليضحك جمهورها ويرتفع قدرها "المادي"! ترى كيف ينام نجاحاً ملئ عينيه وسبب نجاحه تسلق الأكتاف؟
وأخيراً ألمح إلى الألفاظ الجارحة التي تخرج من فم بعض العنصريين عندما يختلفون مع ذوي البشرة السمراء في بعض الأمور، فينعتونهم بـ"العبد" وبصفات أخرى لا تمت إلى أخلاق المسلم بصلة!! ألم يسمع هؤلاء بمقولة سيدنا عمر بن الخطاب: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً"!
إيمـــــــــــان إبراهيم

 

إيمان إبراهيم غير متصل   رد مع اقتباس