ولايهدأ الداء عند الصباح ولايمسح الليل اوجاعه بالردى
بدر شاكر السياب
الحكايه الأولى
صديقي ابراهيم ( الصديق الذي فقدته مبكرا )
في احد الأحياء وسط مدينة الرياض , حي شعبي كان في حينها جميلا نظيفا سكانه جميعهم مواطنين متناغمين , يعتبر هذا الحي من اطول فترات السكنى لأهلي فقد بقينا فيه مايقارب العشرين عاما وإن كانت مقسومة على فترتين بسبب احداث يأتي ذكرها فيما بعد , في تلك الفترة كنت في المرحلة الأبتدائيه في الصف الرابع .
كان لي صداقات مع بعض ابناء الجيران لكن اغلبها لايرقى لمعنى الصداقه الحقيقي بحكم السن والتفكير , هو وقت نقضيه في لعب الكره في اي ارض فضاء قريبه او نترافق احيانا للسوق ولم يكن في ذلك الوقت مايجمعنا غير الشارع حيث لايوجد العاب تلفزيونيه . وفيما بعد عرفنا لعبة الشده ( الكوتشينه ) والكيرم والضومنه ... هذه حدود تسليتنا وكنا نأنس بها وتجمعنا بعد ان كبرنا .
من ضمن صداقاتي في ذلك الوقت رفيق أانس اليه لحلو حديثه ورقته هو ولد جيران اكثر من تعريفه بصديق ... فلم نكن نوازن بين الصداقه بمعناها الحقيقي والصحبة العاديه , كل مايهم ان نقضي وقتا طيبا , كنت مع جاري ابراهيم نترافق في التجوال في الحاره او نبتعد قليلا ... انسان طيّب النفس محب للمرح , لازلت اذكر تعليقاته علي شخصي ولكنه لايلبث عندما يلاحظ اني ( زعلت ) ان يتراجع ويراضيني .
هو وحيد اهله على بنات لاأذكر عددهن ؟ فلم نتحدث في هذا الأمر يوما ,جاء لي مساء يوم يدعوني ليستضيفني بمنزله لأشاهد معه حفلة تلفزيونيه لمجموعة من الفنانين السعوديين , فلم يكن لدينا جهاز تلفزيون في حينها وكان دخوله حدثا لايقدر على اقتناءه الا المترفين , وسهرت عنده تلك الليله وبهرني هذا الأختراع العجيب وشغل تفكيري ليلتها .
بقيت صداقتي مع جاري ابراهيم اثناء وجودنا في ذلك الحي , وحين غادرناه بشكل مؤقت , لم اقاطعه بل كنا نتزاور بين فترة واخرى ,وعندما افتقدته يوما ذهبت لزيارته وطرقت الباب اسأل عنه , فأجاتني احدى شقيقاته من وراء الباب بصوت حزين ( ابراهيم مات من يومين ... انت ماتدري ؟ )
وقع الخبر علي وقوع الصاعقه ؟ متى حدث هذا وكيف ؟
اصابني شبه دوار واستعظمت الأمر وصدمتني المأساه التي لم تكن على البال .
رجعت الى بيتنا متثاقلا استعيد اثناء الطريق حواراتنا ومواقفنا , قسمات وجهه وهو يضحك او يتحدث , الكثير مما جرى بيننا من صحبة طيبه , وصافحت وجنتي دمعة كان لابد لها من الفرار , صعب على الإنسان فقدان من يرتاح اليه او يحبه او جمعته معه ذكريات جميله ,اكتفي بهذا فلا أحب الغوص اكثر لأن الذكرى اليمه .
رحمه الله
القادم ( صديقي الذي نسيني )