بعض من عرفت
[/size (الجزء الثاني)
( 2 )
احلى الأماني فيك يازمان لقا الاحبّه في كل اوان
بيرم التونسي
عبد الرحمن ( صديقي الذي نسيني )!
عام 1971م كنت في عز بحثي عمّـا ينقصني من درر الموسيقار وكنت لاأدخر وقتا في البحث , اجوب الاسواق المختصه بالأشرطه والاسطوانات وابحث عن شركاء قد اجد لديهم مالا أجده بالأسواق .
عثرت بالصدفه على مجنون مثلي يعلم ــ حينها ــ عن الموسيقار مالا اعلمه ...
تم التعارف بيننا وكنت حريصا عليه دون حرصه عليّ !
واذكر اني حين انشغلت مع البائع التفت فلم اجده فأسفت لذلك , لكني صممت على صداقته حبا في الموسيقار ولأنه ذكر لي اسماء اغنيات اول مره اسمع عنها , فلحقت به لكني لم اجده في السوق ورجعت لصاحب المحل اسأله عنه فأجاب انه زبون دائم سألته اين يسكن ؟
فذكر لي اسم الحي فقط فهذه حدود عنوانه الذي يعرفه ؟!
تضايقت وتساءلت : وبعدين ؟
لكني صممت ان اجده , خاصة ان الحي الذي يقطنه ليس بالكبير وحدوده معروفه ... فقلت في نفسي لأذهب اولا لتحديد الموقع .
حزمت امري عصر يوم ويممت شطر الحي .
كانت وسيلة الركوب ( دراجة ناريه ) اوما تعرف بالموتور سيكل .
دخلت الى الحي من الشارع الرئيسي ...امشي على مهل والتفت يمنة ويسره , ودون سؤال او جواب وجدته يجلس امام بيته وحين لمحني ابتسم ووقف يرحب بي ويسأل : مين دلّك؟
قلت ان من يرغب امرا ويصرّ عليه يكافأ .
دخلت مجلسه الفريدي ثم نقلني الى غرفته الخاصه يريني اياها ولأنها غرفة اعدت للنوم فقط فقد عدنا الى مجلسنا في بيت طيني جميل , تحدثنا طويلا عن الموسيقار وحبنا له واسمعني العديد من الأغنيات التي ليست عندي وحدثني كثيرا عن تاريخ الموسيقار , اعجبت بهذا الصديق واحببته وشكرت الله ان هداني اليه .
ورغم ان اعمال الموسيقار في البدايه اغلبها من عنده بعضها تسجيله ممتاز وبعضها رديء لكنها خير من العدم , وقد قال لي وانا ابحث بين الأشرطه لأختار ماليس عندي , حين رأى اني اكثرت الأختيار ... قال : ماعندك شي معنى كذا بتاخذ كل اللي عندي .
استغربت سؤاله وانزعجت بعض الشيء ... لكنها جملة نسيتها مع الزمن ولم تؤثر في صداقتي به .
الأمر الجميل انه مع الزمن اصبحت انا المصدر الرئيسي له بتسجيلات لم يعرف منها سوى الاسم وبعضها يجهله واغلبها تسجيلات نقيه صافيه .
كان هذا نتيجة المثابره والأصرار وكثرة البحث الجاد عن المصادر .
سارت بنا السنون ( عشرون عاما ) تقريبا كان التواصل فيها مستديما وطيبا يحوطه المحبة والأحترام والسؤال عند الغياب ... سافرنا سويا اقمنا سويا .كل معاني الصداقه الحقيقيه المنزهه من اي غرض دنيوي كانت هي عنوان علاقتنا الفريديه الجميله .
فيما بعد دخل ميدان التجاره , دعوت له بالتوفيق , لكن هذا كان على حساب لقاءاتنا التي تضاءلت حتى كادت تنقطع لولا اصراري على التواصل بزيارته في مكان عمله والسؤال عنه وكلما حصلت على عمل جديد ابادر الى تسجيل نسخة له بلا منة ولافضل فله علي فضل سابق في هذا الأمر ثم اني افرح لفرحه .
لكن لأنه لاشيء يدوم الا الخالق وحده , فقد لاحظت عليه في السنوات القليله الماضيه عدم حماس لزيارتي وسؤالي خاصة بعد ان اصيب بنفس المرض الذي اصبت به قبله بسنتين , ورغم اني تداويت منه واخذ مني زمنا ليس باليسير ورغم اني لازلت اعاني منه بعض الشيء والحمد لله على كل حال , الا انه يقول ان موضع مرضي وطريقة علاجي تختلف عنك , لكي ارى انه في النهاية ابتلاء وعلينا الصبر والأحتمال اما الحزن والضيق لن يبدلا من الأمر شيء والواجب ان نحتفظ بألمنا بصمت وان لا يؤثر ذلك على من حولنا فتصيبهم عدوى آلامك .
بقيت علاقتي بأخي وصديقي قائمة الى اليوم رغم انه لايسأل ولاأجد لديه حين ازوره ماكنت اجده قبل سنين . التمست له العذر , وليس بالضروره ان تكون مشاعر سعود هي نفس مشاعر عبد الرحمن , كل امريء وتركيبته النفسيه , ولعل لمرضه دور في ذلك , ادعو لنفسي وله ولكل مريض بالشفاء .
ولازلت احمل له نفس المشاعر والحب لم يؤثر فيها حدث او نسيان او تجاهل فقد قضيت معه اسعد اللحظات رفق انغام الموسيقار وله في قلبي اجمل الذكريات .
هديه:
كل الأمور تبدا بفكره ثم تتلون الصفحات (سعود)
القادم صديقي الذي هجر الموسيقار ونصحني بتركه