منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - عندما تداعب شمس الصباح خصيلات ياسمينك الأبيض!!
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-17-2014, 11:43 PM   #1
حسن حمامرة
( سوا ربينا )

افتراضي عندما تداعب شمس الصباح خصيلات ياسمينك الأبيض!!


أعرف أنني قد قصرت بحقك يا فاكهة عمري ، صمت كثيرا عن مناولتك أقراص السكّر ، وكأس ماء ( الستانلس ستيل ) آناء الليل وأطراف الصباح ،
وغاب عني ، بل غيبتُ عني تحضير إفطار لك قبيل صلاة الضحى ، ضيعتُ ابتسامتي في وجهك منذ زمن ، وسرقت مني الأيام المظلمة بشهورها الحالكة
السواد كل التفاصيل الدقيقة لروعة الحياة تحت ظل جفنيك..
أمي ، يا وجعي ، أراك الآن تجلسين عند باب الدار ، وتمسكين بمسبحتك التسعينية يا وقار الثمانين ، تمسكين بها وتلاطفين حباتها الصغيرة التي ما ملتك
يوما ، فأنا أعرف أن العلاقة بينكما الآن علاقة عشقية خالصة ، فيها الوفاء وفيها كل المعاني الإنسانية الصادقة ، تداعبينها بأصابعك ، وتداعب خيوط
الشمس المتخللة أغصان الزيتون كل خصلة من خصيلات ياسمينك الأبيض .
أمي ، يا قاموس عمري ، أكتب إليك مجبولا بكل الآلام والأفراح ، بكل مفردات الشوق وحروفه ، أكتب إليك ورفيقة الدرب على مقربة مني وأكثر ، تقرأ ما
أكتب ، ومع كل حرف تذرف دمعة على فراق غاليتها ، تسح من الدموع ما جعلني أنا الآخر لا أقوى على الصمود أمام عينيها الغارقتين بكل صرخات القهر ،
لتختلط دموعي بدموعها ، فتبكي هي أمها الراحلة ، وأبكيك أنا يا صاحبة الجفنين اللذين أتعبتهما مرارة الفراق .
أمي ، يا من تهبين فاكهة الشتاء دموع عينيك ،وتسقينني زهرة عمرك ، وتطعمينني حتى آخر ضحكاتك ، يا قنديل سمائي يا أمي ، يا تعب سنيّ عمري ،
يا صاحبة الخرقة نقية البياض والطهارة ،
أمي أيتها المغلفة بثوب يحكي قصة وطن ، أيتها المغلفة بثوب محبوك برحلة عشق دامت ثلاثة أرباع القرن وأكثر .
أمي ، يحاصرني الشوق إليك من كل ناحية ، ويقتحمني الحنين إليك في كل جوانحي ، ويطوقني خيالك المرسوم على لوحات زمني الضائع في بعده عنك ..
وما زالت أوراق أشجاري - يا غالية - يابسة ،
وربيعي صحراء جافة حتى من رمالها ، ولا أظن بأن شتائي القادم قادم إلا بحضرتك..

تحايلت طويلا على وجعي لكنني لم أفلح يا ست الكل..


همسة
" تم نشرها سابقا في غير مكان وباسم ( سوا ربينا ).."
اقتضي التنويه

 

حسن حمامرة غير متصل   رد مع اقتباس