في ليلة ِشتاء باردة ، يَعصف فيها البرد بالأجساد ، مثلما يعصف القصف بالقلوب والعقول .
التحمنا معًا حول نار هادئة ، تحت سقف غير مكتمل ، لجأنا إليه من وقع الرصاص هربًا .
جلس شيخ الحارة يحكي لنا كلامًا ، يخرجنا من الخوف والبرد .
قال : سأكلمكم عن الحب !
اختار موضوعًا دافئًا وحالمًا ، لأننا في تلك اللحظة كنّا بحاجة للدفء وللأحلام فقط !
حدّثنا فقال : أظنّكم سمعتم به ؟
ابتسم الجميع .
لملم رداءه وبنظرة حنون تخفي الكثير ، وبصوت يجاهد ليخفي ألمه قال :
الحب هو شيء يداهمك ، لالون له ، ولاطعم ولارائحة
شيء لايُرى ، يُحس فقط ، به يضطرب القلب ويخفق ، ويتوقف العقل عن العمل في إجازة مفتوحة ، لايعلم مداها !
به ترى عيوب المحبوب محاسنًا وتصرفاته كلها الكمال .
بهٍ تذوب روح في أخرى ، حتّى لاتكاد تعلم أهي روحك التي تركتك أم روحه التي سكنتك !
بهِ تنسى من تكون ، وماهو تاريخك وإلى أين تريد ، وتتوقف عند نقطة واحدة لاتغادرها وهي : رؤية الحبيب !
بهِ تشعر بسعادة غريبة تجعلك تحلّق كطائر جميل في الفضاء فتترك أرضك ،
ومن حولك ، لتعيش تلك اللحظة .
وإن فارقك المحبوب يومًا بت أسير الحزن والقهر والصّمت ، لاطعام تريد ولاماء ولاهواء
تريد فقط عودة حبيبك !
يأسرك اسمه وصوته ورسمه ، يأسرك حتّى حائط بيته والأرض التي يمشي عليها !
فتذوب ولهًا وعشقًا فيه وإن لم يعد إليك ! ، صرت هائمًا على وجهك تنادي باسمه !
هذا هو الحب ياأبنائي !
فهل من عاش هذه المشاعر يملك القدّرة على تحرير أرضه ِ واسترداد كرامته ؟!
دعوا الحبَّ لمن لو هام َعلى وجههِ يجد من يعيده إلى بيته !
وتماسكوا جميعًا ليعود إليكم بيتكم !
...
رحمك الله ياأبي