بِها أستَطيعُ أن أواسيَّ البؤساء وَأقيم الثّورات وأخمدها ، وأقف بصف المضطهدين ،
وأنا حيثُ أنا ، أفترشُ سجّادة ، تضُم بَعضي وَكلي وأنتَ وكُلهم فيكَ!
بِها أستطيعُ الصّراخ بعنفٍ دونَ أن أضّطر للكلامِ ،
ودونَ أن يَكون صَوتي بِضاعة مُزّجاة للعابرين على شواطيء اللهو وَالعبث!
بِها أستطيعُ أن أشعِركم ، بِنبضاتِ قلبي وِعتاب عَقلي ،
وإيماءة خَجولة مِنّي تُخبِركم بِأني : اكتفيت بِعزلتي عَن الجميع .
بِها أستطيعُ أن أحملَ رِسالة وَأقود أمّة وأحيي فَضيلة
وَأغرس غرسًا ، أقَطفه بعد حين !
بِها أستطيع اختِلاس النَّظر مِن بَعيد وإرسال التَحايا مغلفة بِصمتٍ مَهيب ،
تَختزنه الحروف لدهرٍ مِن عمر الزمان المُتّرع بالوجعِ .ا
بِها أكَلِمُكَ أيَّها البَعيد ، أبُوح بِألمي بإباء ، أصدِر القوانين وأجرِيها ، ففيها أنا الجلّاد وأنا الضحيّة ،
وأخبركَ بأن الحروف – ذاتها - التي شغفت بك َ ، سَترحل بالكَفّ الرَّجعيّ إلى نقطةِ انطلاقها ،
لتتزود لسباقٍ دنيوي لاينتهي !
بِها أبّكي دون دُموع ، أحترقُ دون لهيب ، أحتسي المعاني ،
دون فنجان يَحمل الكثير من النبوءات على يدِ عرّافة كاذبة ، وإن صَدَقَتْ !
بِهاأرسمُ الفَرَحَ شَجرة ، تَساقط رطبًا على الأطفال الصّغار ليتعلّموا أن الدُنيا تُؤخذُ غلابا !
بها أتّقي أوار المشاعر السّاكنة ، قعر الفُؤاد
أسكُبها على الورقِ فَتَحلّق كسحابة بَيضاء ، قد تُمطر يومًا هُنا أو هُناك ،
رُبما على كُوخ ريفِي أوعلى بسمة غَجرية ، أوعلى أمير نَبيل ، قهره نبله !
أوعلى شيخ فقيهِ يتّقيَّ العالم بصمتهِ ، أو على عيون أبي التي ابيّضت مِن الحزن ،
أو على بيداء تَشّكو غَدر أهلها .
رُبَما
تُزّهر عِند َهؤلاء ، وعِند غيرهم ، ويوم الحصاد لابد وأن أقطفَ الثّمرا
لأنها لي ، رئة ثالثة
بها أتنفس
أنا أتَنَفسُها
وَدونَها
شَمّاء لاتَعيش !