إذا التاث عليك أمرك ، واغتم قلبك ، ونزل به جرح أليم ؛ فعليك أن تعمل الحيلة ليثغب دمه ؛ إما بدعوة صادقة ، أو بكلمة هادفة ، أو برقم بعض الحروف ، وكل بقدر استطاعته ، فإن أبى عليك ، وشرق بدمه ! فاعلم بأن ذلك الدم المتجمد في عروقك ، لو سال لوجدت أرج الطيب !، ولسطعتك رائحة المسك من فورته! .
لأن ذلك الجرح إذا أرهقك منه سوء ، ومسك منه أذى ؛ لبرهان على حياة قلبك ، ولكاد أن يتفجر من قلبك نورا ، وكلما شقّت عليك علتك وأوصبك ذلك الداء ؛ كلما عظم ذلك النور وزاد مستوى العطر في دمك ، فإنما هي كريات الدم الإيمانية - تلك الكريات التي لم تقرأ عنها في كتب العلوم - قد ازدادت ! .
وكلما ارتفع مستوى الهم عن سطح القلب لمصيبة في الدين؛ فبارك يا رعاك الله لقلبك بالحياة .
ربما يأتيك ذلك الجرح من سفيه نزق ، زهق ، طائش الحلم ، خفيف الحصاة ، يسب دينك ويستهزئ بخير البشر- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم - من شسع نعله يتحاشى أن يقاس بمثله ، بل بأمم أمثاله ؛ فاعلم رحمك الله تعالى بأنه لن يهمد بعد نزقه، ولن تهجع فورته إلا بتحاشيه واحتقاره كما يقول الشاعر : نجى بك لؤمك منجى الذباب حمته مقاذيره من أن ينالا
فإذا أصفيت مودتك لنبيك وحبيبك فاتبعه وكن أنت يا رعاك الله شوكة في حلق ذلك السفيه ، وهز عطفيك باتباع حبيبك ، فإذا رأى الناس ذلك منك فسيعظمونك ، ويعظمون ذلك الدين القيم الذي تتبعه .
فإياك أن يجيش صدرك بالغل ، وتبغي ذلك السفيه الغوائل بمخالفتك هدي حبيبك صلى الله عليه وسلم ؛ فيعقبك الغل ندما ويورثك حسرة لا تنقضي .
فأنت جزء من تلك الصورة التي ينظر إليها ذلك السفيه ، وأمثاله للإسلام ، فيرشقك بنظره ، ويخالسك النظر من طرف خفي ، فيعظم من شأن تلك النقطة السوداء ، ويعرضها في مجلة الفضائح بصورة ثلاثية الأبعاد ؛ لينال من الإسلام ، وأهله ويا لله !! ما أكثر النقط في زمان اتخذ المسلمون فيه كتاب الله تعالى مهجورا ، وأعرضوا عن سنة نبيه عليه الصلاة والسلام وصدق القائل :
وما يبلغ الأعداء من جاهل ما يبلغ الجاهل من نفسه
وأبشرك يا أخي بأن ذلكم المبغض( لنبيك صلى الله عليه وسلم ) لمبتور اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم