"8"
تتمدد الظلال على الجدران .. في الحدائق .. كأنها تسترخي بإنتظار إياب أصحابها .. ظل ٌّ كان يحرس المكان خلف قاعد عشاق صغار .. ظل ٌّ يغفو فوق الحشائش .. كأنه يحتضن ظل الشمس السارحة فوقه .. ظلال تتحرك في الأماكن العامة .. تتصادم .. تتشابك .. تسبق الطوابير المنتظرة ظلال طفلة .. ظلال ضخمة .. ظلال بكل الأحجام .. بكل الأشكال ..!
أمام فرن المخبز .. توقفت .. جائعة .. جمهور يصطف أمام المكان .. أنا في آخر الطابور .. وظلي يسبق ثلاثة رجال أمامي .. هل يشعر ظلي بالجوع هو الآخر ..؟ لكنني رفضت في تلك اللحظة الإنتظار وحدي .. بدونه !
قررت متابعته .. قررت ارتداء ثوب الجرأة مثله .. لأول مرة .. أقترب من الرجل الثالث .. ألغط بثورة :
- من فضلك ..؟
ينظر ناحيتي متسائلاً ..
- ظلي أحق بالدور منك ..!!
ينظر صامتا ً .. مندهشا ً ..
أشير بيدي ناحية الظل .. يهز رأسه .. يشيح برأسه عني .. أكاد أصرخ حينما لم أرَ ظلي لحظتها .. اختفى الظل .. خفت أن يكونوا قتلوه .. خطفوه .. ذبحوه .. أتشبث بعنق الرجل .. أصرخ جزعة ..
- أين ظلي ..؟
يرتعش الرجل ذعورا ً .. ينظر ناحيتي بخوف .. يتمتم بكلمة واحدة ..
- مجنونة ..!!
في لحظات تفرق الجمع .. بحثت عن ظلي بين الظلال الهاربة .. لم أره .. فتشت عنه في الفراغ المنبسط .. لم أعثر عليه .. فكرت ساعتها أنه تخلى عني .. تركت المكان خائفة .. خشيت أن يضيع في الزحام .. ولا أجده ..!!
بدأت أبحث عنه مثل أم فقدت طفلها .. أناديه ..
- ظلي .. ظلي ..!!
التفت فجأة لأجده ينسحب ورائي كالذيل الممطوط .. معاتبة رمقته .. يملؤني إحساس بالراحة والأمان .. أتنفس الصعداء .. هاهو الظل يعود إلي .. لم أعد خائفة .. إنه معي ..!!
يتبع .....
دمعة في زايد