سَاعَةٌ مِنَ التَّوَاصُلِ المُبَاشَرِ | [6] | أبعاد القصَّة والرِّواية
(حَبْسَةُ الْكَاتِبِ)
الجفاف الإبداعي، أو العقم، أو الورقة الفارغة الغارقة في بياض الصَّمت، أو العجز المعنوي التَّام عن الكتابة النَّاضجة أو المُكتملة، رغم الحاجة الماسَّة إليها والرَّغبة المُلحَّة فيها، أو ما يُعرف اصطلاحًا بـ (حَبْسَةِ الْكَاتِبِ)، هي حالة تعطُّل طارئة ومُباغتة، تُشبه الكابوس، وقد تطول، وقد تقصر، ومع ذلك؛ فهي تضعك أمام حقيقة صادمة؛ وهي أنَّك لا تستطيع أنْ تكتبَ. وهذه الحالة -المؤقَّتة أو الدَّائمة- عانى منها -ويُعاني- جلُّ الْكُتَّابِ والمُبدعين عمومًا، وغالبًا ما يقف خلفها سبب خفي أو ظاهر، يكون مُسيطرًا ومُستبدًّا وقادرًا على تشتيت وجدان الكاتب وعلى شلِّ قدرته على الكتابة المُثمرة، ويستمر تأثيره المُهيمن حتَّى يبدأ بالتَّلاشي، إنْ تلاشى، وربَّما اجتمع على الكاتب الواحد في حبسته أكثر من سبب في آن، وهذا يجعل الخروج منها والتَّغلب عليها أشقُّ على المُبتلى بها وأصعب وأكثر تعقيدًا وربَّما أطول عُمرًا، وثمَّة من يقترح -من المعنيِّين- حلولًا لها ووصفات ويُسدي نصائحًا لتجاوزها ويرشح تقنيَّات مُعيَّنة وآليَّات، تتوقَّف نجاعتها على الكاتب نفسه وعلى مستوى الحبسة ومدى صعوبتها وتعقيدها، لكنَّها -غالبًا- تأخذ وقتها ومفعولها، ثمَّ تنصرف -إلى سبيلها- من تلقاء نفسها. والحبسة مريرة ثقيلة! وصفتها (إيزابيل الليندي) وصفًا أليمًا وقاسيًا -حين تحدَّثتْ عن عجزها عن الكتابة في إحدى مراحل تجربتها وخشيتها من تكرار ذلك- فقالت: "إنَّها أشبه بابتلاع الرَّمل!".
- تقول (بوليت ليفرز): "...لو تسلَّلتِ الحبسةُ إلى عقلي؛ فإنَّ ذلك يعود لشعوري بالخوف من شيء ما؛ لذلك ألجأ إلى أصدقائي الذين لا يُدلِّلونني، بل على العكس، يُخبرونني أنْ أجفِّف منابع هذه الحبسة، وأنْ أشقَّ بقوَّة في طريق العمل الذي أخافني، وغالبًا لأفعل ذلك؛ أخبر نفسي أنَّ الخطوة الأُولى هي أنْ أكتب ما أريد على الورق، وذلك لا يعني بالضَّرورة أنْ يقرأه أحد غيري. لا أؤمن أنْ ثمَّة شيئًا لا يمكن فعله". ثمَّ تُضيف: "أمَّا بالنسبة للشُّرود والإلهاء؛ فإنِّي أعتقد أنْ ملل الكاتب نفسه من عمله هو أكثر رُعبًا وخطرًا من المُعاناة من (حبسة الكاتب)".*
- تقول (تينا ويلنغ): "لا، لا أريد أن أكون قاسية، ولكنِّي لا أُؤمن بوجود ما يُسمَّى بـ (حبسة الكاتب)، ربَّما لأنِّي لستُ قاسيةً على نفسي، عندما أشعر أنْ لا رغبة لي في الكتابة؛ فإنِّي أفعل شيئًا آخرَ بينما أنا جالسة إلى مكتبي؛ أنقِّح شيئًا ما، أو أرتِّب درج مكتبي، أو حتَّى آكل بعض الوجبات الخفيفة أو أغرق في أحلام اليقظة. أعتقد أنَّه يجب أنْ نُقدِّر مشاعرنا حول العمليَّة الإبداعيَّة؛ فغالبًا تنشأ مُشكلة ما يُسمَّى بالحبسة من الحاجة للحصول على شيء ما من وراء الكتابة، مثلًا: عندما يكتب الكاتب وهو يأمل أنْ يحصل على المال أو الشُّهرة؛ فإنَّ عمليَّة الكتابة تكون مُثقلَة بالتَّوقُّعات، ليس ذلك فحسب، عندما نكتب وبعدها نُمزِّق ماكتبناه؛ فإنَّ النَّتيجة أنَّنا نشوِّه مهاراتنا الكتابيَّة؛ حتَّى تنضب إلى الأبد. قبل أنْ نكتب شيئًا جيِّدًا سنكتب برداءة كثيرًا، لذلك علينا أنْ نكون صبورين وطيِّبين تجاه أنفسنا".*
- تقول (ميغان داوم): كانتْ هناك فترة، منذ بضع سنوات، تقريبًا بين (٢٠٠٣) إلى (٢٠٠٦)، كنتُ حينها غير مُنتجة بشكل مُخيف. لستُ مُتأكِّدة إنْ كان ذلك يعود لمعاناتي من (حبسة الكاتب) أو أنَّ ذلك نوع من أنواع الكسل طويل الأمد. وأيًا كان السَّبب؛ فقد كانت تلك الفترة بشعة، بدأتُ بعدها بكتابة عمود أسبوعي في الصحيفة، وكان ذلك بمثابة العلاج بالصَّدمة، أو شيء من هذا القبيل، ومنذ ذلك الحين؛ عدتُ مرَّة أُخرى للعمل والإنتاج".*
- تقول (أنّا قويندلين): "يُعاني النَّاس من (حبسة الكاتب)؛ ليس لأنَّهم لا يستطيعون الكتابة؛ إنَّما لأنَّ لديهم يأس من الكتابة ببلاغة".
- تقول (ماري جاردن): تحدثُ لي (حبسة الكاتب) بسبب تداخل عاملين: الكسل، وعدم الإنضباط".
ملحوظة: الاقتباسات من حصاد مُحرِّكات البحث، والمُذيَّلة منها بـ (*) من موقع تكوين، وكلُّها بشيء من التَّصرُّف.
***
محاور النِّقاش:
1- هل عانيتَ من (حبسة الكاتب)، وكم استمرَّت معك، وكيف كان وقعها عليك، وماذا كانت أسبابها؟
2- ما هي الحلول والتَّقنيَّات التي تقترحها لمُعالجة (حبسة الكاتب)، وهل تجدها -من جهتك- مُجدية؟
3- هل تعتقد أنَّ (حبسة الكاتب) حالة طبيعية؛ ينبغي علينا أنْ لا نفزع منها أو ننشغل بها؟
4- هل يساورك شعورٌ بالإحباط جرّاءإحساسك برداءة ما تكتبه حين تتلبسك حالة الحبسة؟
5 - هل تكافىء نفسك بتسمية ما كُتب تحت وطأة الحبسة بـ
( الإنتصار)
6 - حين تقولبُك وحالةُ الحبسة هل ترضى بخفض معايير كتابتك دون مستوى الكمال ؟ أم تُحجِم لحين انجلائها ؟
في انتظاركم، يا أحبَّة، فكونوا معنا،
نسعد بملاحظاتكم القيِّمة، وبكم نُرحِّب.