منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - المسافة بين "الكاف" والـ "نون"
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-18-2015, 11:19 PM   #1
صالحه حسين
( عذبة الروح )

الصورة الرمزية صالحه حسين

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 17

صالحه حسين واحد الرائعةصالحه حسين واحد الرائعةصالحه حسين واحد الرائعةصالحه حسين واحد الرائعةصالحه حسين واحد الرائعةصالحه حسين واحد الرائعةصالحه حسين واحد الرائعة

افتراضي المسافة بين "الكاف" والـ "نون"


ليس في ذِهْنِي جَوابٌ واضحٌ عن تَسَاؤلاتِك المُتَخثِرة في دَمِي، يا صَدِيقِي، فَإِنِي قَدْ فَقَدْتُ الشَجَاعَة عَلى اِرْتِكَابِ مٌحَاوَلَة اِسْتِيعَاب مَا يَدُوْر حَوْلِي، ذَاكَ وَسَق الْليِل أَطَاحَ بِكُلِ فُصُولِي، فَأَي تَوْبَة تُعِيْد لِي اِتْزَان رَحِيْق ذَاكِرتِي؟ سَأَنْجُو بِقَلْبِي مِن أَشْبَاحٍ تَدُوْر في أَزِقَتِه وَحَوَارِيْه،لا شَيْء بِدَاخِلِه سِوَى فِتَاتٍ مِن حُبٍ يتقلَّب في شِرْيَانِه الأَيْسَر،يَعْبَثُ بِأَوْتَارِهِ، وَيَبْعَثُ بِمَعْزُوفَاتٍ مُكَرَرَة؛ تَمْجيداً لِذكْرى تتأوَّه الدُمُوعْ حِينَ يَتَرَنَّح خَفَقَانَهَا.

كُنْتُ هُنَاك...
في مُدُنِ الضَبَابِ؛ حَيِثُ يَتَزَاحَمُ الطَّمَي عَلى سَنَابِلِهَا؛ فَتَغْرَق في القُبْحِ المُغَلَّف بَأَسَاوِرِ المَطَر، وَيَتَعرَّى الحُلْم المَغْرُوس في أَذْيَالِ السَرَابِ، وَيَتَمَزَّق اللْيل الهَش؛ لِيَظْهَرمِن بَيْنَ شِقُوقِه عَفَنُهُم، فَقَد أَسْرَفُوا في الُمجُونِ؛ حَتَى سَرَقُوامِن المَاءِ صَفَاءُه مِن دُوْنِ أَنْ يَلْمَسُوهُ بِأَيْدِيْهُم، وَتَسَلَّقُوا هَيْبَة الجِبَال؛ وكؤوس السُّكر تَدورُ بَينَهُم ، ولَم تَطالهُم الصَّحرَاءُ بأَنيَابِها، ولَم تُطهِّرهُم، ومَع تَسرُّب الْليل تَنامُ مُدنهُم علَى الأرِصفَة، وتَبقَى ولِيمَة لِلمُتسَكّعين والكِلاب الضَّالَة، وبَعضَ الحَمقَى،مِمَّن أضَاعُوا عَناوينَهم، وبَقيَت في يَد كُل وَاحدٍ منْهُم زُجاجَة فَارِغَة؛ إلاّ مِن خدرهم وتَخلُّف عُقولهُم.

بِرائِحة الغيَاب أُوصِد ذَاكِرَتي عليَّ، وأُنهِي غُربَتي؛ فالمَنفَى بدَاخِلي شَاسِع، ولا يَرتِوي منْ اِستِدرَاج الغَمام، ويَحلُم بِذلَك الغَد الوَاعِد؛ الذي يَرْسُم مَلامِحَ الأَمَل، وَلا يَعْلَم أَنَهُ قَاتِلِي.دَعْنِي أُخْبِرُكَ، يا صَدِيِقِي، أَنَنِي اِسْتَنْبَتُّ بَعْض الأَمَان في أَوْجِ خَيْبَتِي، ثُمَّ اِكْتَشَفْتُ أَنَنِي أَصْنَعُ عِقْدَاً مِن الغَيْم، لايَلْبَث أَنْ تُبَدِّدهُ الشَمْس؛ فَأَرْمِي بِجَسَدِي في ذَاكَ الكُرْسِي مِن المَقْهَى مَلاذَاً، وَأَرْتَشِف قَهْوَةً مُرَّة اِحْتِياجَاً، وَأَسْتَفِزُّ جُوْعَ قَلَمِي غُرْبَةً.

حَمَلْتُ قَلْبِي إِلى مٌدُنِ الضَيَاعِ؛ حَتَّى أَتَوَارَى خَلْفَ الغِيُوْم، وَأعَقِدُ هُدْنَةً مَع المَطَرِ، عَلَّه يَغْسِلَنِي مِن وِحْدَتِي وَخَيْبَتِي؛ فَوبََّخَنِي، وَخَيَّبَنِي؛ وَلَمْ يُبَلْل غَيْر فُسْتَانِي وَدَمْعَتِي.

----------------

لَمْ تَكُنْ تَلْوِيِحَتِي عِنْدَمَا عَزَمْتُ على السَفَرِ؛إِلا مُقَايَضَةً لِلْصَمَت، بَحَثْتُ هُنَاك -بَيَنَ أَجْزَاءِ المَطَرِ- عَن مَلامِحِي، ثُمَّ أَدْرَكْتُ أَنَنِي تَرَكْتُهَا بَيْنَ أَحْضَانِ وَطَنِي، وَأَنَنِي لَمْ أَحْمِل مَعِي غَيْر بَقَايَا مِن حُلُمٍ مُشَوَّه الآَهاتِ. حَاوَلْتُ أَنْ أسْرِقَ مِن لَيْلِهِم حُلُمِي، وَمِن الضَبَابِ أُكْسِجِيْنَاً لِرَئَتِي، وَمِن عِيُونِهِم أَمَانِي تَشْذِّب رُوْحِي وَجَسَدِي، وَلَكِنَهَا حَقَائِبِي عَادَتْ فَارِغَةً.. شَاغِرَة.. حَتَى مِن هَوَاءِ هَوِيَّتِي.

 

التوقيع

صالحه حسين غير متصل   رد مع اقتباس