مضى وقت يا والدي على مصاحبة الظل المكسور في
الطريق الذي لا يعود بنا إلى حياة أقل يُتم.
كنت قد قلت منذ عدة أعوام ، أمي توفيت ، وأنا متعبة جداً ، قلبي موجوع !
ثلاثة أعوام فقط ثم ألفنا البعد جيداً ، وكنا أكثر تماسكاً تحت اليقين الحقيقي
حتى إنه لم يعد ينتابنا إحساس التوجس في الأوقات الكاملة .
والدي توفي ، وأنا تذوقت الفقد بطعمه اللاذع جداً، ولا أظن أن الوقائع الثقيلة
تغنينا عن تذكر عاطفته الدائمة في اللحظات الإنسانية .
أنا هنا يا أبي ، في المكان المزجى على اطراف الليل أحدث الله عنك
وإذا تاقت يداي إلى ملامسة يديك الدقيقة ، يغلب علي إتخاذ ضوء القمر
وجهاً دافئاً لك كي أتأنق من أجله .
قل لي ماذا تفعل الآن في السماء يا أبي ؟
وما الذي سأفعله أنا في الصباح غير أني أتأنى من تمكين صورتك الماثلة
في جلسة الإفطار اليومية من التحديق نحو المكان الخالي.
أنا لم استطع نسيان الكثير من الأفكار الخاصة بك
والتي تأتي في حالات الحاجة الملحة
لاقتناء الكلام المعطى على محمل الحب المثالي
ولا أستطيع مقاومة تلك اللحظة الفارقة التي تنتابني بإحساس غريب
عندما قلت لك فيها أنني سأشتاق لك كثيراً ، لكنك حينها لم تسمعني إطلاقاً
كأن نومك الأخير بمثابة الدخول في حياة مليئة بالذكريات الثائرة .
هنا الكثير من القصائد القديمة ، ولديّ الكثير من التطفل لمعرفة
المواعظ الطويلة عن حياة النبلاء ، وعن وجه أمي الماضي
وعن قبلتك الموزونة التي أهديتني اياها في صباح يوم ما،
وعن مساء الشتاء المنتظر ، وعن صوتك المتناغم مع شعورك الجيّاش
وعن رائحة الوردة البيضاء التي تركتها في زاوية الغرفة ذات يوم ، ولم تعد إليها حتى الآن
أنا أريدك جداً ، أريد أن اقول لك إنني متعبة جداً، قلبي موجوع وذاكرتي مرهقة
وهذا الحزن يا أبي أشبه بتنهيدة طويلة لا تتوقف عند باب قبرك الرطب
إنها تمتد إلى حيث الفؤاد الفارغ والضامئ إلى لقاء الجنة