منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - اللؤلؤ المنثور الجزء العاشر
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-03-2016, 01:20 PM   #1
سلمان ملوح
( كاتب )

افتراضي اللؤلؤ المنثور الجزء العاشر


أسعد الله قلوبنا بالبيِّنات ؛ فإنها والله إذا وقرت في القلب وتمكّنت منه وَجَدَ القلبُ لها مثلما يجد الظمآنُ للماء , والغرقانُ للهواء , وأزاحت من ساحته كل حبّ وعَلَقٍ بسواها ؛ فاجتمع القلبُ على حبها والتعلق بها ! فلم يشترِ بها عَرَضا , ولم يستكثرْ أن يكون في سبيلها غَرَضا , ألا ترى السحرة كيف خروا لها سجداً و باعوا ـ من أجلها ـ وعدَ فرعون وأجرَه , ولم يخافوا فيها وعيده وجَورَه ! واستحبوا تقطيع أيديهم وأرجلهم والصلب في جذوع النخل على التخلي عما جاءهم منها ؟! ألا ترى المدينة المؤمنة كيف امتنعت على أصحاب الأخدود , وطابت نفساً بالموت في النار ذات الوقود ! ثم ألا ترى محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف آثرها على ما عرض عليه قومه من الملك والجاه , (والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يحكم الله) .

هذا , ولستُ أقوم من أستاذي مَقامَ المُعلِّم ؛ بلِ المُتعلِّم , ولا مَقامَ المُفيد ؛ بلِ المُستفيد , ولم يكن لي قصدٌ من وراء هذه الرسالة سوى إطلاع أستاذي على شئ من أخبار تلميذه , بيدَ أنّ قلمي استمرأ مناجاة أستاذي فأخذ يتطلب الحجج لإطالة الحديث ! ولو تركتُ قلمي وما أراد ... لظلَّ يجري ما بقي فيه مداد! .

وقد ذكر لي أستاذي ــ أسعده الله ــ جزءاً من رسالة لي ؛ فيها أقول ( إني أُعيذُك أنْ يحُلَّ بك سخطُ قلمي ... ) وهي رسالة كتبتُها لأحد المحسوبين علي , أتهدّدهُ فيها بعدما ضقتُ ذرعاً بأقواله وأفعاله , وهذا نصها (إني أعيذك أن يحل بك سخط قلمي ؛ فيخلع عليك كل صفة ذميمة , ويخلع عنك ما عسى أن يكون فيك من صفة حميدة , ويجعلك أحدوثة يتلقاها الناس بألسنتهم ويقولون فيها ما يعملون ومالا يعلمون , وليس يسرني والله أن أبهتك أو أظلمك ولكني أراك تضعني منك موضع المدافع عن نفسه , والذائد عن عرضه , وسوف أستبيح لنفسي ساعتئذٍ كل وسيلة في سبيل دحض فتنتك ودفع صولتك , فأمسك عليك ياهذا ما بقي لك من كرامة , وانج بنفسك ما دام لك فسحة للنجاة )

وهذا نفسه الذي قلتُ فيه :ـــ

ولي صاحبٌ ما منه يا قومُ مهربٌ . سمينٌ ومعتوهٌ بضاعتُهُ الهَزْلُ
يروحُ ويغدو لا لشيئ يسره . يقلّب رأساً مِلؤُهُ الحمق والجَهْلُ
إذا حلّ صبحٌ جاء في الصبح زائراً . وإنْ جنَّ ليلٌ جاء نحوي به الليْلُ
أقول لك الويلاتُ دعنا وشأننا . فلي من هموم الدهر عن شغله شغل
فيأبى سوى قربي ويزعم خلّتي . ولستُ له خلاً وما هو لي خلُّ

 

سلمان ملوح غير متصل   رد مع اقتباس