منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - أَنِينُ النَّخِيلِ..!
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-04-2016, 03:23 PM   #8
جليله ماجد
( كاتبة )

افتراضي




2- أرض .. منكرة .. و فقر .. لا .. يلين !

الشمس تحرق الهامات ...
و الهواء ساخن كتنور يغلي ببطء ..

-يا شيخ استسق لنا السماء عل المطر يروينا ..
-يا سعيد اقم صلاة الاستسقاء .. سيهلك الحرث و النسل !

أقميت الصلاة و تهجد الفقراء باهتزاز أعوادهم الضئيلة السوداء ..
جرت دموعهم مالحة رسمت على وجوههم خيطا من بياض عطش و هم يذوبون في هذي الواحة المقطوعة من البشر سواهم ...
ارتجفوا بضعف و هم يرفعون أذرعهم للسماء ...
يتهجدون ب ( يا رب ) ..
وقف أدهم بطوله الفارع و جسده الصلب .. بسمرته الشديدة و شعره الأجعد القصير .. بثوب واسع بلون التبن لم يخف مهابته الجسدية ...

همس: أرض منكرة ..و فقر لا يلين !
- بسسسسست .. اصمت !
يبلع ريقه فترقص تفاحة آدم منتفضة بغضب ..:
أرض .. منكرة .. و فقر .. لا .. يلين !
-يصرخ -
- ماذا تفعلون في هذي الأرض دعونا نرتحل عنها فأراضي الله واسعة ..

تركض العجوز .. تكمم فمه و تبكي بحرقة هامسة في أذنه .. أريدك حيا .. يا ابني .. أريدك حيا .. أرجوك .. توقف .. لأجلي .. لأجلي ..

تسقط يده إلى جنبه و يبعد أصابعها المخشوشنة كليف أحرقته الظهيرة و ينهنه بكلمات غير مفهومة و يضع رداءه في فمه و يركض كمهزوم بلا سلاح ..

-سنعزيك قريبا أيتها العجوز فيه .. قد ماتت دواخله و احترق قلبه .. تعازي الحارة ..

بصقت العجوز على أم الحسن و ابتعدت بمشيتها الوئيدة .. تترامى بألم فوق التراب .. تلحق خطوات فلذة كبدها و تدعو السماء أن تختفي أم الحسن من الوجود ...
بلا أصل أتت إليهم كعجز نخل خاو .. و هاهي محظية لدى الشيخ .. و جاسوسة له بين النساء .. تبا لها ألف مرة !
خنقت أنفاسنا و أماتت أحلامنا ...
حتى الأغاني توقفت عن لحنها فباتت سردا باردا مظلما ...
كليل شتاء طويل ..
لا صباح بعده !

 

التوقيع



كُلّ ما أيْقَنْتُهُ.. رحَلا..

جليله ماجد غير متصل   رد مع اقتباس