بعد فراقك تفتق قلبي ، وأحسست أني مُقبل على مرحلة صعبة مشحونة بالكآبة والحزن والتيه ، ولم يخب إحساسي . لقد عشت بين أفراد عائلتي وحيدًا ضائعًا لا أجد ملجأ غير غرفتي ، بيد أن ألوان جدران الغرفة التي اختارتها والدتي كانت مريحة للناظرين إلا أني كنت أراها متلطخة بالسواد ولا تحرك في نفسي أي شعور جميل ، بل كنت أخرج من الغرفة وأحدق في وجوه إخوتي وأرى وجوههم مكفهرة وعابسة ولم تكن كذلك . هل الفقد يغير من أشكال أحبابنا وألوان جدران غرفنا ؟ من أين له هذه القوة الجبارة في تغيير الجميل إلى قبيح ؟!
لم أعد أطيق الجلوس معهم واتخذتُ غرفتي موطنًا . لقد اعتدتُ على سماع خطوات الشياطين بالقرب مني ، وكنت أرى ظلالهم تدخل في الجدار وتنبثق منه ، لقد شككت في نفسي أكثر من مرة وظننت أني مُصاب بهلاوس سمعية وبصرية ، ولكن ثمة شيء يؤكد أني لم أُصب بداء ، وهو أن الشياطين تولي عني مدبره إذا رأيتكِ أمامي وأحاط بكِ هالة من نور سماوي . إنكِ ملاك من الجنة تملأين غرفتي من نور الألهة وتطردين العابثين بي من الجن والشياطين .
متى يعود طيفك ؟