منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - يَـبـُوْءُ بِإِثْمِــــهِ وَإِثْمــــِك ..!!
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-19-2006, 06:41 AM   #1
عيد المطرفي
( شاعر وكاتب )

الصورة الرمزية عيد المطرفي

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 19

عيد المطرفي غير متواجد حاليا

افتراضي يَـبـُوْءُ بِإِثْمِــــهِ وَإِثْمــــِك ..!!


ولما دخلتُ عليها المحرابَ وجدتُ عندها من الآلاء التي حباها اللهُ اياها - كرما منه وفضلا- مالم يمن به على سواها من قبل ، وآتاها ما لم يؤته أحدا من خلقه ، في زمن الرقية بسعر مغرٍ ، والاتجار بكلام الله بثمن يساوموه عَرَض تجارةٍ انفضوا إليها ، قبل الإستعاذة به من شيطانٍ جرى منهم مجرى النَفَسِ وداعيَ اللهِ فيهم قائما ، ولم يخفق لهم من خشيته قلبٌ – كالحجارة - في قسوته أو أشد !، ومنها ما هبط لخشيته حتى تشقق فخرج منه الماء ، أما هي فمتبتلةٌ في محرابها ، تسبحُ واهبَها بكرة وعشيا ، وحين يستبدُّ بها شوقُها إليه تلهج بذكره ، فيضئ قلبَها نورا كإصباحٍ ولج مَفْلقَ الليل ، فأبصروه ضياء قبسوا من جذوته ما يؤانس لهم قلوبا كلجة البحر ظلمةً غشاها موجٌ من فوقه موجٌ ومن فوقه سحابٌ ، وجعل اللهُ لهم - بطاعتها له - نورا يمشون به في الناس ، ، وذلك فضله يؤتيه من يشاء ، وأوتيت من لدنه بادمانها ذكرَه ، وإدامتِها لَهَجَ اسمه في موهنِ السحر حسنا .
وظِلْتُ أرقبُ فراغَها ، - تيمنا - بمجلس تصلي عليه الملائكةُ مثنى وثلاث ورباع ، ولي بفتية الكهف مضربُ مثلٍ ، وحسنُ أسوةٍ ، وأظنها ظن اليقين لا يشقى بها جليسُها ، إذ آمنت بربها فزادها هدى .
فأوجزت ركْعتَي شَفْعِها ، وأبلغت دعاءها وخففت ؛ إذ آنست مفسدَ خلوتها يرقب تسليمَها ، فحللت صلاتها ، ويممته – بلومٍ - قائلةً :
أفتنهى - بجلوسك - عبدا إذا صلى قرت عينُه بصلاةٍ يفسدُ خالصَها ما يشوبه - بمجلسك منها - مرأى النظر ؟! ويفتح لحظ نفسها بابَ الرياء ؟!
فتمتمتُ مطرقاً : معاذَ اللهِ يا أماه !! أن يكون لي من ذلك إربٌ أو غايةٌ ، وإنما أتيتك بأمر من قال : " إذا مررتم رياضَ الجنةِ فارتعوا" ، ومن آوى آواه الله ، قالت : وتفسد خلوتي ؟! وقد شارف الليلُ السحرَ ولم أصلِّ وتري ؟! أيقظ أختاك ، وبعد صلاة الفجر أقضيك حاجتك – إن شاء الله - .
فامتثلتُ أمرَها طوعا ، وأتيتُها بعد الفجر في مصلاها ، وقلتُ بعد أن قبلتُ رأسَها :
تقبل اللهُ صالحَ عملك ، وأطال عمرك على الطاعة ، وجمعني بك في فردوسه يا أماه ..
فأمَّنتْ قائلةً : وإياك يا بني ، جزاك الله عن امك خيرَ الجزاء . ما حاجتك ؟!
فقلتُ : رؤيا رأيتها ، فقصصتُها رؤياي مستشرفا تعبيرَها إياها ، وما كان منها إلا أن قالت : اقصصها على اختيك فإنها لرؤيا خير - والله أعلم - ، ولا تقصص رؤياك على إخوتك بعد ان لقيت منهم ما لقيت ، فلم يحطْ أكبرَهم بحثُ الغرابِ الأرضَ علما سوى الندم ، وفَضُل أخاك بحثوةٍ استكثرها على سوأة جسدك فكان من الظالمين ، وظلمك الآخرُ بسؤال نعجتك إلى نعاجه ، إذ عزك في خطابه
وبغى عليك ، وماقولك إذ لم تُؤْتَ من الخطاب فصلاً إلا : اجعل لي وزيرا من أهلي ، أفصحَ مني لسانا ردءَ صدقٍ ، وشدَّ عضدٍ ، ولكنه شطَّ في خصومتِك وأشْمتَ بك أعداءك .
وألقاك أرأفُهم بك غيابتَ الجبِ ، وقبل أن يخروا لك على عرشك سجدا ؛ جعلوك للسرقة مثلا أعلى ، مَشْهِدَ براءةِ أوعيتهم ، ولا زلتَ تسرُّ في نفسكَ ماللهُ مبديه ، وإن أشهدوا العيرَ بصدقِهِم واستنطقوا القريةَ فقد كَذَّبهم دمُ شاةٍ كَذِب ، وثوبٌ لم تُقطع أزراره ! ولا يحيق المكرُ السيئُ إلا بأهله ، وإن تَدْعُ مثقلةٌ إلى حِمْلِها لا يُحْمَل منه شئٌ ولو كان ذا قربى !

ثم قالت : أي بني ، صبرٌ جميلٌ واللهُ المستعان على ما يصفونَ ، وهو خيرٌ حافظاً وهو أرحمُ الراحمينَ ، وأردفت - قبل أن تخْلص لمصلاها - :

" رَحِمَ اللهُ إِخْوَةَ يُوْسُفَ ، أَمَا عَلِمُوا أنَّ الذئبَ يُمَزِّقُ الثياب !!

 


التعديل الأخير تم بواسطة عيد المطرفي ; 07-19-2006 الساعة 07:00 AM.

عيد المطرفي غير متصل   رد مع اقتباس