للوهلة الأولى عند دخولك من باب بيتكم تشعر بأن لا أحد يسكن البيت ،
الصمت ينزلق من ناصية الجدران كل الذي يعم الأرجاء هو صوت الأنفُس وزفرات الأرواح.
معاناة يخوضونها ورّطوا أرواحهم فيها لن يسعفهم شهيقهم مهما استمرت عملية التنفس ،
تنصدم عندما ترى المشهد أمامك الجميع في لحظة حضور جسدي فقط ، يُصاحبه شرود ذهني
وفكري إلى العالم الذيختاروه وفضلوه على كل من حولهم ، إعتدتُ سابقاً أن يسمع أحد وطأ
أقدامي قبل طرقي الباب ، يكون هناك ترحيب واستقبال حافل من كل المتواجدين ،
الآن أفتش بين أرجاء المنزل لأجد من يلبي ندائي ويعطيني من وقته الذي ظن أنه
ثمين وترك لأجله كل المبادئ التي قد غُرِست فيه ،
هي آفة العصر الحديث كلنا نعي جيداً خطورة الهواتف النقالة وماتخبيه بجعبتها
من مواقع تواصل اجتماعي ، أصبح هناك تباعد فكري وعاطفي ونفسي بين أفراد الأسرة
تنازلوا عن المبادئ الحسنة لأجل قطعة إلكترونية لاتسمن ولاتغني من جوع ،
كثرة الإفراط بالإستخدام أدت إلى إنحطاط وضع المجتمع ، أشخاص ربما يتأثرون
بأفكار فئة متطرفة طائفياً تروج المعتقدات المسمومة لتصل لأفراد أعمارهم صغيرة ،
تنشأ على الفكر الطائفي وينموا بداخلها الكره والبغضاء لكل من حولها ، يصل الأمر لنهاية
وشيكة ومحتملة يستخدم سلاحه ضد أقرب الناس له ، الخطر الحقيقي الذي يدق ناقوس
أبوابنا كل ليلة هو كثرة المروجين لهذه الأفكار ، لو لم يكن هناك مؤيدين للفكر المتطرف
لن نرى مروجين الفكر الضال.
علينا أن نعي مايحدث بين أروقة برامج أبنائنا ونوسع مدارك فهمهم بأن السعي خلف
هؤلاء هو مضيعة للوقت وقتل للأنفس.
إذا أردت أن تعرف سوء المرحلة التي وصلنا إليها !!
إقطع الإنترنت عن من تحت إمرتك سترى الجميع بدأ يقلق على وضعه بدون وسيلة تواصل ،
ويبدأ في عملية إكلينيكية يصارع فيها نفسه ووقته وأسلوب حياته الذي بدأ إنهزامي حتى
يكاد يفقد نفسه ، تدرك حينها مدى تأثير الهواتف النقالة وبرامج التواصل الاجتماعي في سير
حياته بطريقة قد تجعله عرضة للأمراض النفسية المزمنة ، لأن قضاء الكثير من الوقت على
هذه البرامج يبعده عن أي لقائات عائلية أو حورات مع الأشخاص بمحيطه ،
يتجنب قدر المستطاع هذه الأمور ليصبح مهيأ نفسياً ليستمتع بوقته على الهاتف ،
يظن بأن إنعزاله التام عن الجميع والإنزواء على الهاتف سيجعله أكثر راحة وإستقرار.
إن لم تتدارك أخي "مربي الأسرة" خطورة الموقف وتعي بأن الوضع الذي يمرون فية
من حولك أنه خطرٌ قادم ستتفاجأ ذات يوم بنهاية وشيكة إمّا بصمة عار أو نقطة سوداء بحياتك
أو ربما عيادة نفسية تراجع بها مريضك كل حين ..