" زين .. ومو زين "
,
مَرحبًا :
يُخبرنا السيد: حسين سرمك
عندما يتراجع مظفّر النواب أمام المثكل وقتيا فإنه يتراجع كأسد جريح ،
كان الهاجس الطاغي لدى السياب في شعره هو الموت الوشيك والهشاشة الوجودية أمام الفناء .
وسيطرة الخوف من شبح الموت على السياب منذ مراهقته المبكرة ،
تجلى هذا الخوف في أحلامه وقصائده المبكرة ورسائله إلى صديقه ” خالد الشواف ” وهو في مرحلة الدراسة الإعدادية ،
ولهذا يعتبر بعض النقاد وهم محقون أن السياب “ انتحر” ولم يمت في الواقع .
لقد اندحر وتحطمت إرادته المقاومة فركب الموت على ظهر وجوده وساقه مستسلما إلى ظلمات العالم الأسفل .
لقد كان النواب وهو في أشد حالات المرض التي شاهدتها بعيني كان باسلا في الحفاظ على كبريائه العزيزة .
كان حين يُسأل عن وضعه الصحي وعليه أعراض متعبة من مرضه المزمن ، يرد : زين ..
وفي أسوأ الأحوال يقول : زين .. ومو زين !! .
حتى في الأوضاع التي يتسيّد فيها تأثير المرض كحقيقة ساحقة .. ، يحاول إنصاف ذاته الجسور فيحتفظ بنصف من كفة الصراع .
كل من سبقوا مظفر أو عاصروه في الشعر العامي أو الفصيح بشقيه ( العمودي والحديث – شعر التفعيلة )
مرّوا بحالات مراوحة بين الإقدام والإحجام تكللت بالإقرار ، المستخذي أحيانا ، بحقيقة الموت ..
إلّا مظفر النواب : فهو الإنسان الذي يطوّع معادلات الفناء رغم علمه بحتميتها وقدريتها التي لا تُرد ولا تتزحزح .
ولا يمكن الحصول على صورة كاملة تعبر عن هذا الحال العجيب إذا لم نمض وبصورة متسلسلة من عيش حچام واسعيده من قصيدة :
( حچام البريس ) في أتون تجربة المواجهة مع رموز القمع ؛ الشرطة – المسخ التي لا هي كلاب ولا هي رجال .
تلك التجربة التي تنغزل فيها خيوط الشروط الحركية والصوتية والضوئية واللونية ،
وهذا التظافر التعددي هو جوهر الفعل السينمائي والتي تتصاعد حسب الحركة الموجية المتناوبة بين صعود وهبوط جزئي لا يصل القعر الانفعالي أبدا
لأن عتبة – threshold انفعال روح الشاعر متوترة دائما وعالية المستوى حتى في حالة المناجاة الحلمية الشعرية ، ومختلفة عن عتبة انفعال البشر العاديين .
,