منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - رواية ( دعاء الكروان ) \ طه حسين \ ملخص و رابط التحميل
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-11-2014, 03:42 PM   #5
عماد تريسي
( أديب )

الصورة الرمزية عماد تريسي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 15

عماد تريسي جوهرة في الخامعماد تريسي جوهرة في الخامعماد تريسي جوهرة في الخامعماد تريسي جوهرة في الخام

افتراضي




لمحة ثانية عن الرواية :

رواية رائعة أبدعها كاتبنا الكبيروعميد الأدب العربى الدكتور " طه حسين " وتمّت طباعتها فى مطابع الهيئة المصرية العامّة للكتاب عام 1934 وقدّم لها الشاعر الكبير(خليل مطران) بقصيدة كبيرة بلور بها احتفاءه بتلك القصة وإعجابه بها .
وفيها يتناول كاتبنا قضية كبرى تمسّ المجتمع ــ المصرى والعربى جميعاً ــ فى صميمه ألا وهى قضية الفقر والشرف , وكلاهما وجهان لعملة واحدة لا يفترقان فالشرف وجه قد يبدو جميلاً ولكن كيف له أن يتبدى جماله وسط هالة من الفقر المريع التى تزجّ ببنات العفاف وصاحبات الصون زجّاً إلى حتفهن وإلى ذئاب ضارية تعوى و تتضور جوعا وشراهة للفتك بالنحيلات غضة العود قليلة الخبرة وثعالب تمكر بهنَّ و ترشدهن وهن الغافلات إلى أبواب الرذيلة وتغريهن بها بكل الطرق وتلك الذئاب التى تستهين بتلك الفتيات الفقيرات وما أبشع الفقر الذى يلّجم الأفواه ويعقد الألسنة فيجعل من تلك الفتيات ذبيحات يسقن إلى حتفهن فيصرع شرفهن على أعتاب الأغنياء , هؤلاء الذين لا يضعون للفقير قدراً ولا يحمدون له عرضاً بل يهتكون ما تبقّى من عفافه وما لاذ به من طهر وأى مذلّة تجعل البريئاتِ ساقطاتٍ يلاقين حتفهنَ ويذبحنن جزاءً ونكالاً بما لم يكن لهن جريرة فيه ؛ فالشرف لا تغسله إلا الدماء وهكذا تساق البريئات لحتف آخر وتسقطن فى جبٍّ أعدَّ إعداداً لهن يسقن له وهذا مقدورهن الذى لا فرار منه ( على حين هوى ذلك الجسم الجميل الممزق فى تلك الحفرةالتى أعدّت إعداداًثمّ هيل التراب عليه وسويت الأرض .. وأنت أيها الكروان تدعو ولا من يستجيب وأنا أستغيث ولا من يغيث وامرأةمتقدمة فى السنِّ قد انحنت ناحية وجلست تذرف دموعها فى صمت عميق ورجلٍٍ متقدَّم فى السنَّ قد قام غير بعيد يسوَّى الأرض ويصبٌّ عليها الماء ويردّها كما كانت ثمّ ينتح قليلاً ويزيل آثار الدم والتراب ثمّ يرتفع صوته آمراً أن "هلمَّ فقد آن أن نترحّل" ) فاجعة كبرى أن ترى الأخت أختها تمزّق وتلقى فى جبًّ أمام عينيها تلك الأخت التى لازمتها طيلة عمرها وعاشتا .. فرحتا .. وحزنتا .. أكلتا .. وجاعتا سويّاً ... صعب أن ترى الأخت أختها تذبح بتلك الصورة وتختفى من الوجود بتلك الطريقة .
صوت الكروان ... ذلك الأنيس الذى يبدد الوحشة ويقطع سكون الليل .... ذلك الطائر الذى يرى الأحداث ويطير معها من مكانٍ لمكان وينقل لنا صورة الطهر العالية التى تجوب السماء وتنشره فى الفضاء وتزدرى من يهتكه على الأرض ويخرب ويفسد فيها فيمزق ذلك الطهر بأنياب ضارية تطال كل مسكين لا ناب له ولا مخلب يردّ عنه صائديه فالكروان وبطلة القصّة ــ ( آمنة أو سعاد ) كاسمٍ جديد اختاره لها أسيادها ــ يتناجيان طوال الأحداث فهى تهمس فى أذنه وهو يوقظها كل الوقت ويذكرها كل مساءٍ بتلك الفاجعة التى رأتها بعينيها وآلت على نفسها أن تثأر من مرتكبها وممن ضيع البسمة من تلك الشفاة الظمئ للتبسم العطشى للفرحة .
الزمان:
يدور خلال العشرين عاماً التى عاشتها آمنة بين فاجعة ذبح أختها هنادى وبين بقائها كسيدة فى بيت المهندس قاتل أختها ومن أختاره قلبها حبيباً لها من دون البشر.
المكان:
يأتينا المكان الأول " بنى واركان أو بين الوركين " كما حورّه الناس ليصير سبة لكل أبناء القبيلة حتى صاروا لا يطيقون هذا الاسم لأنه يجلب عليهم سخرية أبناء المدينة والذى حال القدر أن ينعمن فيه رغم قبحه فنفين منه وكان خليقاً به أن ينفى هو من العالم.
المكان الثانى لا يبتعد كثيراً عن المكان الأوّل فلا يفصله سوى نهر النيل عن البادية فهوريف ضخم يختلف كثير عن البادية من حيث الزروع والثمار والأهل الذين كانوا إما فلاحين يزرعون الأرض أو موظفين يعملون فى الحكومة كمهندس الرى والقاضى والمأمور وغيرهم ... والبيوت قد تكون مترفة وفارهة كبيوت البعض منهم والذين ستكون بيوتهم مسرحا لبقية الأحداث .
الشخصيات:
( آمنة ) تلك الفتاة البدوية التى عاشت مع أختها وأبيها ذات الجسم الجميل والوجه الناعم الرقيق الذى يغطيه الفقر بغشاء يخفى جماله ويجعله يبدو على غير طبيعته والذى بعد قليل من العناية ظهرت فتنته وجماله التى خلبت لبً المهندس ... و ذات العقل الوضئ الصغير الذى عرف كيف يلعب بالنار ويحرق بها عدوه وإن كان قد احترق معه .
(هنادى) تلك الأخت الكبرى التى لم تكن لها الخبرةالكافية و التى ضاعت بسبب غفلتها وقلة خبرتها وسيقت إلى حتفها بعد أن هتكت عذريتها وضُيَّع شرفها وماتت ربما لتحمل جريرة عار والدها وتساق هى أيضاً إلى العار وتذبح بعارها كذبح أبيها [عار بعار وذبحٌ بذبح ٍ.
( زهرة ) تلك الأم التى أحبّت بناتها وتحملّت زوجها ونزواته ومغامراته البغيضة التى كانت تجعله يغيب عن البيت اليوم الكامل أوالليلة الكاملة حتى كانت نهايته من جنس عمله فلقد ذاق وبال أمره بأن ذُبِحَ وترك العار لزوجه و ابنتيه تعانيان منه مما يجعل أهل البادية يحكمون عليهن بالنفى خارج البادية إلى الريف ليس معهن إلا بعض المال الذى بالطبع لن يكفيهن مؤنة الحاجة .. وكلُّ جريرتهن أنهن من نسل هذا الرجل الفاجر .
( مهندس الرىّ) ذلك الذئب الضارى الذى استمرأ تلك الفاحشة فكان يهوى على الخادمات الصغيرات كل ليلة ليفتك بهن دون وازع يردعه أو ضمير يمنعه يلبس ثوب البراءة أمام الناس وحتى أمام من أراد خطبتها خديجة التى ظنت فيه نعم الزوج ولكنه بعيداً عن أعين الرقباء تظهر حقيقته عارية لتعلن لفريسته عن سوء الطويّة وقبح النيّة .
( خديجة ) بنت المأمور البنت الجميلة التى ترى الرومانسية بعين البراءة والتى تراها من خلال الكتب التى تقرأها وتتلوها على سمع آمنة كل ليلة بعدما صارت بينهما ألفة وتناغم لذيذ أنقلب إلى حب شديد ووفاء من آمنة .
(زنوبة ) تلك المرأة اللعوب صاحبة الخبرة الواسعة فى مجال العهر والتى جمعت من هذا المجال الكثير والكثير حتى تحولت إلى مخدمة ترسل الفتيات لبيوت الأثرياء لتنتفع من وراءهن بالمال وأخذت تنصح آمنة بما ساعدها من النصائح فى مجال الملاعبة وطرق الإيقاع بالفريسة ونسج الحبائل للفريسة لتقع ويختلّ توازنها فى حبيلة الصيادة آمنة الصغيرة التى لا تكاد ترى طريقا إلا وهى مزروعة بالشوك والقتاد وعليها السير دونما أن تبدى ألماً .

أسلوب القصة : أسلوب رشيق يبتعد عن وحشى القول ويصول ويجول خلال اللغة السهلة الرقيقة بطريقة رائعة تتراوح بين الحكى والسرد ومناجاة ذلك الطائر البعيد القريب .. بعيد فى السماء قريب من آمنة يناجيها وتناجيه يسمعها وتسمعه يهدهد أعطافها وتربت على كتفه ... صوته يدغدغ عواطفها ويذكرها بمصابها وفاجعتها.

واللغة رائعة تتماوج فى عذوبة وجمال والألوان فيها معبرة عمّا يريده الكاتب .
الصور دالّة باقتدار عمَّا يريده الكاتب فى غير مشقّة ولا معاناة لأن كاتبنا رجل أزهرى يملك بزمام اللغة ويعرف كيف يوظّفها حتّى تأتى سَلسَلاً عذباً يزدان بصورٍ موحية ( وأنت أيها الطائر العزيز تلقى فى الليل العريض المظلم نداءك البعيد العذب فيصل إلى نفسى فيحييهاويوقظ فيها الذكرى ويبعث فيها الأمل ويشيع النشاط وأختى ماثلة ذاهلة كأن صوتك لا يبلغها ولا ينتهى إليها ومع ذلك فما عهدتها صمّاء ولا عهدتها تحسن الحزن أوتجيد الاكتئاب إنّما أعرفها فرحة مرحة تحبّ الضحك والمرح ولا تحتاج إلى أن تدفع إليه وإنّما تحتاج إلى أن تدفع عنه.. أين هى ؟! ) بالطبع هذا جزء بسيط تظهر فى ملامح الأسلوب جليّة أمام أعيننا ... (فالليل العريض) يبرز مدى المعاناة التى تعانيها تلك الفتاتان ..( يصل نداؤك إلى نفسى فيحييها ) تعبير يبرز احتياج البنت إلى من يربت على نفسها ويحنو عليها ويشاركها الأوجاع وتبثّه مكنون نفسها .. ( أختى ماثلة ذاهلة ) تعبير يشعر كل من يراه بما تشعر به البنت هنادى صاحبة السر المميت ومدى تفكيرها وحسابها للنتائج وغيابها فى عالم آخر لا تشعر بما حولها وبمن حولها .

العقدة :
هنادى وتلك الجريمة التى جُرّت إليها وذبحها على يد خالها القاسى وآمنة وقسمها على الأخذ بالثأر ممن ذبح أختها
الحلّ :1ـ محاولة إبعاد المهندس عن خديجة بنت المأمور حتى لا تقع فريسة بزواجها من هذا الخائن الأعظم .
2ـ أن تحرق المهندس بالحب ــ الذى حرق به أختها وكأن الكاتب قد آلى أن يجعل الجزاء من جنس العمل ــ حتّى يكتوى المهندس بنفس النار التى أشعلها فهى تارة تقترب منه وتدنو كثيراً فتشعره أنها جد قريبة منه وسهلة المنال وتارة تبتعد عنه حتّى تهدم كل خيالاته فيظلّ أسيراً لها مفجوعاً بحبها كما فجعت أختها بحبه حتى أنّه كلَّ صباح عندما يقوم من نومه تحمل له قدح الشاى وهو فى سريره ( فلا أكاد أدخل عليه حتى ترتفع إلىَّ عيناه وقد ملأتهما عواطف شديدة الاختلاف ومعانٍ عظيمة التناقض , فيها الحبّ وفيها البغض .. فيها الأمل وفيها اليأس .. فيها الوعيد وفيها الخوف .. فيها الشهوة
وفيها الزهد .. فيها القرب وفيها البعد .. وأنا أرى هذا وأحسّه وأفهمه .. ولكن يالقوة النساء! ) وهى تقبل عليه بالشاى وكأنها لا ترى شيئاً .

سكيناً ثلمة قررت أن تذبحه بها كلَّ مساءٍ وتطمئن على ذبيحتها كلَّ صباح هل آلمها ذبحُ الأمس ؟ أم تُزيد الجرعة ؟ جراحةٌ ماهرة علّها تؤتى ثمارها وتظلُّ هكذا حتى تتحدّر دمعتاها على خديها وهو يقول بعد أن علم بجريمته التى أسف عليها ( دعاء الكروان ؟! ترى أكان يرجِّع صوته هذا الترجيع حين صُرعت هنادى فى ذلك الفضاء العريض).

منقول




مودتي

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

عماد تريسي غير متصل   رد مع اقتباس