[يوسف الحربي]

( 8 )
الفتى القادم من أقصى المدينة

أعداء الجمال كُثر
وأكثر منهم أعداء النقاء
القابعون في أقبية الفكر الرديء
يلتفعون عتمتين
ينكمشون إلى أخمصهم
عند أول ضوء
يسكبون الدمع ليلاً
خوف بزوغ النهار
السادرون في غيهم
باعوا الأرث في سوق النخاسة
حطموا جمال الماضي
أغلقوا حوانيت النقاء
هدموا صوامع الخُلُق
باعوا كتب السماء
وكلمات الأولياء
حقنوا المفاصل
بمعاول الهدم
شطبوا الفواصل
بممحاة ماء
افترشوا شطحاتهم
توسدوا خزعبلاتهم
ولم يعلموا أنهم يتوسدون هواء
العابثون بقصائد الشعر الرصين
على أرصفة الشعر يتسكعون
يلهون ...يعبثون
دفاترهم ملأى بالحرف الرخيص
لا فصيح ولا موزون
العابثون
ذبحوا القصيدة ..
من الوزن إلى القافية
ذبحوها على النُصُب
لتقربهم لتماثيل الشمع زلفى
ذبحوها بأيدي المطبلين

الفتى القادم من أقصى المدينة
في جعبته
بقايا ضوء ..وكل النقاء
في ليل غدر ..قتلوه
لا لشيء ..سوى أنه
بياض حين تُلّون الكلمات
إنطلاقة عند تعطيلها
لا لشيء .. سوى أنه
شدو رغم ضوضاء النشاز
غيمة ..تمنح الأراضي الجرز النماء

الفتى القادم من أقصى المدينة
قتلوه هناك
ليحيا هنا

ابن المدينة / يوسف الحربي

الفتى .. ذاك الأخضر قلباً / فكراً / حرفا