منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - حياة لم تكتمل
الموضوع: حياة لم تكتمل
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-21-2015, 01:43 PM   #1
منذر أحمد العاتي
عضو أبعاد أدبية

الصورة الرمزية منذر أحمد العاتي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 18

منذر أحمد العاتي واحد الرائعةمنذر أحمد العاتي واحد الرائعةمنذر أحمد العاتي واحد الرائعةمنذر أحمد العاتي واحد الرائعةمنذر أحمد العاتي واحد الرائعةمنذر أحمد العاتي واحد الرائعةمنذر أحمد العاتي واحد الرائعة

افتراضي حياة لم تكتمل




قالت : يا ربيعي ، أتحب الحكايا ؟
قلت : نعم ، فقد كانت تحيكها لي جدتي فأنام على أهدابها.
-لا ، تلك ليست حكايا ، بل سمفونيات تعزفها أنامل الليل ليغري النوم
إن الحكاية ليست من تنسج فارسا يقتل ملك العدى في آخر سطر ، أو إلفين يتحطم قاربهما على شاطئ الهوى نهاية الحبر ، إن الحكاية موعظة تبني نفسها على أنقاض الواقع، إبحارا في محيط الفكر بلا قارب .
-أنت تفلسفين الأمور ..
رمقتني عينها بحنان ،قائلة دعك من هذا ...
أمسكت يد الصمت أنفاسنا برهة ، ثم مررت يدها على شعري برفق ، تسألني :
هل تعلم ما الموت ؟
- يا أغنيتي ماذا حل بك اليوم ؟
تغرقين الكلام ...
- إني ذكرت حادثة وقعت منذ مدة طويلة لإحدى الفاتنات، قرأت عنها ذات عشية، فانحنى لها دمعي حزنا
- يا وردتي ، ماذا حصل ؟ أرى البياض يدب في عينيك
-دفنت وهي منهمكة في تلوين لوحتها الزيتية .
-وهل تتم مراسم الدفن قبل الموت ؟؟ ، ألا تفصحين فتكفي ليلي الولهان مؤونة الجري خلف... الألغاز.
-لا ، ليست لغزا، بل مأساة حياة لم تكتمل ،نشأت على ضفاف نهر ، في قصر سندبادي ، تحترف كل قصات الشعر ،المكياج ، الخطاب لا يبرحون بابها ،كانت مغرورة كغيرها من محدثي النعمة ،صدقت وعود الدنيا الزائفة ، فتشبثت بأسمالها تحسبها متينة ، ولكن المسكينة لم تكن تدري أن من يكثر بناء الوعود هو أكثر الخلق هدما لها ، هذا ما برهنه ما كان مختبئا خلف أوراق التقويم
بين رحيل شمس ، وقبل عودتها ،انهارت الوعود على إثر أول رياح الخريف ، كان سقوطا مدويا ،يغلق الأصم أذنيه ؛ لفرط وقعه ، قتلت الألوان، وصبغ الرمادي المشهد .
تحطمت الدنيا بين يديها في لحظة، تشظت أشلاء مترامية محروقة دون هوية ، كهذيان المخمور .
-سكتت ،وقد أطرقت رأسها ..،قلت لها : لماذا سكت ؟
- وماذا أكمل ؟
-ماذا حدث بعد ذلك ؟
-ماذا حدث ؟؟ ، بل قل ما الذي لم يحدث ؟
سفينة قتل ربانها في عرض البحر، يلهوا بها الموج
حتى شتت أهلها، وكسر شراعها ،وأبلى لوحاها .
فهي اليوم عبارة عن لا شيء.....
فقط ، بقايا عجوز أوغلت في السفر ، ضاعت منها نفسها في زحمة الركام ، فاهترأت بحثا عنها . تطيل الجلوس في شرفتها المهترئة ، يزورها الماضي كثيرا حتى صار لها نديما ، تتكئ في حجره ،تَقْرِضُ الشعر، تَرثي أيامها ، فلا تنتهي إلا وقد بللت عبراتُها أسمالَه .





 

التوقيع

الماضي بحلوه ومره هو الإنسان ، وهو ما نسج شخصيته ، فكل يوم يذهب يصبح من الماضي وما الإنسان إلا أيام .

منذر أحمد العاتي غير متصل   رد مع اقتباس