منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - ليس الآن.. (رواية)
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-07-2018, 10:38 AM   #34
عمرو مصطفى
( كاتب )

الصورة الرمزية عمرو مصطفى

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 2618

عمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


(8)
قهرنا الظلاميين على سطح الأرض وحان وقت تطهير القاع حيث البؤر التي بها يقبعون ومنها يشنون غاراتهم على أبناء شعبنا ..
وقاد جلال الذي صار مسئولاً عن سلطة شعبنا حملة شعواء على الفجوات التي تعج بالظلاميين ..
لأول مرة يلج رجال السلطة إلى القاع ويواجهون الظلاميين في عقر دارهم ولم تكن المواجهة بالأمر الهين .. كان القاع مفاجئة مفجعة لرجال السلطة ..
عالم مظلم كئيب عطن الرائحة.. وبين الحين والحين تتعثر قدم في جثة جافة خالية من الدماء.. ويزداد رجال السلطة احتقاناً ويعصف بهم الغضب .. سيمزقون أي ظلامي يجدونه.. لكن أين هؤلاء الشياطين؟..
عشرات بل مئات الأنفاق المعقدة تحت الأرض تمتد لمساحات الله أعلم بمداها..
حصاد سنوات من العمل المضني في الظلام.. بالتعاون مع بني الأصفر..
لقد وجد رجال السلطة أثناء البحث في الأنفاق بعض الملفات السرية التي تتحدث عن تاريخ العلاقة بين الظلاميين والشعب الأصفر وقد تم إخراج تلك الملفات وسمحت السلطة بنشر بعضها على عامة شعبنا فيما بعد..
لكن السؤال الذي كان مطروحاً.. هل ماتزال هناك وسيلة اتصال بين الظلاميين وبين الشعب الأصفر..
ومتى يستطيع شعبنا تطهير كل تلك الأنفاق وسدها ؟..
كان لابد من قرار حاسم لتلك المعضلة .. رفع جلال جهاز اللاسلكي إلى فمه وعرض وجهة نظره على الطرف الأخر .. قيادة شعبنا ..
ـ لابد من سد تلك الفجوات على من فيها ..
جاوبه الصمت من الطرف الأخر .. هو يعرف رقة قلب القائد الجديد لشعبنا
لكن في مثل تلك الظروف .. لابد من طرح المشاعر جانباً ..
ـ لا فرق بين قتل الظلاميين وحرقهم وبين عزلهم عن الخارج فيموتون جوعاً .. نحن نحتاج لعشرات السنين حتى نسيطر على كل تلك الأنفاق ..
هنا جاء الرد الحازم من القائد :
ـ بالطبع أنا لست مشفقاً على حثالة الظلاميين .. أنا أفكر في خطتك تلك وفي نتائجها .. هل حقاً نستطيع عزل الظلاميين عن العالم الخارجي في باطن الأرض ؟
ـ هذا كان ممكناً حتى في العهد البائد .. لكن بني الأصفر ما كانوا سيسمحون بذلك .. أما الأن ..
ـ الأن فقط يمكننا أن نعرف كيف يتصل الظلاميين بالشعب الأصفر ..
لم يفهم جلال مراد القائد.. لكنه تساءل :
ـ نبدأ الأن في سد تلك الأنفاق؟
ـ بلى.. لكن بالماء.. الماء طهور يا جلال كما تعلم..
ابتسم جلال وهو ينهي الاتصال ثم التفت إلى رجاله قائلاً :
ـ لأول مرة سنقهر الظلاميين بالماء لا بالنار..
***
في البداية لم يفهم الظلاميين ما يحدث..
ظنوا أن رجال السلطة تراجعوا عن مطاردتهم وبدا بعضهم يتنفس الصعداء.. سنبدأ من جديد..
لكن عزروت لم يبد مرتاحاً.. إنه يشم رائحة الخطر عن بعد كأي ظلامي يحترم نفسه كذلك هو الرأس المدبر للظلاميين حالياً بعد سقوط دشرم .. وإليه انتقلت عهدة المحافظة على بقاء الطائفة..
وقد أقسم على ذلك بروح انبلا نفسه..
ـ هل تسمعون؟
قالها عزروت فصمتت الأصوات وسكنت الحركات..
والكل منصت..
هل هذا الصوت الخافت الذي يتصاعد شيئاً فشيئاً صوت هدير؟
وبدا الرعب يكتسي الوجوه وهم يتخيلون ماهية الخطر القادم..
هنا نهض عزروت قائلاً في ثقة :
ـ إنهم يصنعون لنا مقبرة مائية ..
ورددت الأنفاق الممتدة إلى ما لا نهاية صدى ضحكته الساخرة! ..
ـ تضحك وهم يغرقوننا! ..
قالها له أحدهم والذعر يكسو ملامحه.. فالتفت إليه عزروت وهو يلهث في جشع :
ـ بهذه السهولة يا رفاق .. إن هذا لأمر معيب ..
ـ أنت تعرف لنا مخرجاً من تلكم الأنفاق يا عزروت ؟
ـ بالتأكيد .. فقط اتبعوني ...
***
في قفص الاتهام وقف دشرم ويسرم يرمقان جموع الشعب التي جاءت تتأملهم كأحد عجائب الدنيا التي لم تعد سبع الأن .. كانا يبتسمان في بلادة وكأن شيئاً لم يكن .. نحن لم نتآمر مع بني الأصفر عليكم .. ولا كنا ننوي معاملتكم كخزين للطعام .. لم نكن نرغب إلا في بصيص من نور .. هه .. لماذا لا تصدقون يا حمقى؟ .. تباً للدعاوى المغرضة التي أدخلت الشيطان بيننا!..
المحاكمة كانت في أكبر ميادين المدينة وتم نصب منصة للقضاء في مقابلة قفص الاتهام .. حشد ضخم من رجال السلطة جاء ليحكم السيطرة على الجموع الثائرة من أبناء شعبنا كي لا يفتكوا بالأسيرين..
هنا هاجت الجموع حينما وصل القضاة للمنصة..
ـ أعدموهم..
ـ أعدموهم..
احتاج الأمر لعدة قرعات على المنصة كي يعود الهدوء..
ورمق كبير القضاة قفص الاتهام ثم أعلن بدء المحاكمة..
همس يسرم وهو يحاول منع ساقيه من الارتجاف:
ـ هل سيعدموننا حقا يا أبي؟
قال دشرم من بين أسنانه :
ـ الشعب الأصفر لن يسمح بهذا.. تجلد.. ولا تغتر بكل هذا الجو المشحون .. في النهاية سيجلسون مع سلطة الشعب الأصفر للتفاوض ..
ارتسم تعبير بائس على وجه يسرم وهو يرمق جموع شعبنا ونظرات الكراهية تبض من عيونهم .. قال في أسى:
ـ أنا لا أفهم سر كل هذا البغض لنا.. ونحن لا نحمل لهم إلا الخير!.. كل الخير!..
أطبق دشرم على قضبان القفص الباردة ورفع بصره للأفق هامساً :
ـ هذا ما دأب عليه ذلك الشعب البغيض المستعبد منذ فجر التاريخ .. لم يفهموا دعوة أبينا أنبلا الذي جاء ليحررهم من نير الاستعباد .. لم يفهموا سر النكبات والكوارث التي حلت عليهم منذ اليوم الذي استشهد فيه أنبلا .. ولست أظنهم سيفهمون .. لكن عدالة السماء قادمة ..
التفت إليه يسرم متلهفاً:
ـ هل لديك إلهام ما؟..
توهجت عينا دشرم وهو يمسح بحنو على قضبان القفص .. وترقرق الدمع في مقلتيه وهو يتمتم :
ـ بل منام .. لقد زارني الأب المؤسس أنبلا في المنام وأخبرني أن الله سيكون في عوننا ما تمسكنا بدعوته.. وأننا سنخرج من السجن وسنعود ملوكاً على رقاب الشعب الأسمر ..
***

 

عمرو مصطفى غير متصل   رد مع اقتباس