منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - رواية قنابل الثقوب السوداء أو أبواق إسرافيل.كتارا
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-11-2020, 05:57 AM   #12
إبراهيم امين مؤمن
( كاتب )

افتراضي


بنفسي ومالي أجاهد حتى تتعلم يا فهمان .
إذا أردتُ أنْ تُخرس ألسنة الغوغاء فأحسنْ إليهم...
غمْزُ أهل الحيّ وقرار عمل سيرك شوارع....
والمدهش أنّ فهمان كان يفكرُ فيما يفكر فيه أبوه ، لكنّه كان يطرده حتى لا تفتك به مشاعرُه فتدفعه إلى مصارحته ، كان يقول لنفسه كفى ما حدث لأبي مِن جراء حادثة الفندق المستلب ، لا أودُّ مضاعفة غربته بحرمانه منّي على إثر سفري للخارج ، وقلتُ في نفسي لعلّ سفري يوقظ بداخله الغربة الأولى التي اندملتْ جراحها ونامتْ ولا أودُّ إيقاظها.
فأضمر الأبُّ لحين تأتي اللحظة المناسبة ، وأضمر الإبن حتى لا يتسبّب في غربة جديدة لأبيه .
وظلّا على ذلك عدة أشهر ، فهمان دائب الجلوس أمام الحاسوب وقراءة الكتب الإلكترونيّة ولا يهتم كثيرًا بدراسة الكتب المدرسيّة ، فكلُّ اهتماماته منصبّة على دراسة الطبيعة مثل..تجارب مصادم الهادرونات المستقبلي fcc-1 بسيرن ، نظريّة آينشتاين ، النظريّة الكموميّة ، نظريّة الأوتار الفائقة.
بينما فطين يفكّر في عمل يدرُّ ربْحًا وفيرًا إذْ أنّ عمله المعتاد في أيّ سيرك لن يكفي نفقة سفره إلى أمريكا.
يرمقه أبوه ويتأسف على هذه العبقرية المكبلة بقيود الفقر ، ثمّ يخرج متوجعًا متحسرًا ألا يجد ما ينفقه عليه .
ووصل الحال به إلى حدٍّ أن صارعته الكوابيس والأشباح في نومه .
وتتوالى الأيام على هذه الحالة حتى أتى الله بأمره إذ..
خرج فهمان يومًا إلى محل البقالة الذي أمام العمارة ليحضر بعض طلبات المنزل مِن زجاجات مياه جوفيّة وخبز مكيّس وبعض القوت ، وكان المحل متموضع في السوق الرئيس للحيِّ ، وبجانب المحل مقهىً كبير أحد محتوياته شاشة تيلفزيونيّة ضخمة ، وقف فهمان قليلاً عندها فسمع أهل الحيّ يلعنون أمريكا وخاصة أصحاب اللحى منهم ، فقد كانوا يلعنون قائلين ألَا لعنة الله على الظالمين ، ربنا يخسف بهم الأرض هؤلاء الكفرة الملاعين .
سمعهم فهمان ولم يلقِ لهم بالاً ، إذ أنّه يعلم أنّ العبوديّة لن تقدّم ولن تؤخّر شيئًا إلّا إذا صاحبها العلم ، ونظر إلى الشاشة فوجد الإعلاميّ يتكلم عن بركان عظيم من المحتمل أن ينفجر في ولاية كاليفورنيا خلال بضعة أشهر ، وسمع جملة هامة جدًا تقول..
إنّ هيئة المساحة الجيولوجيّة ووكالة ناسا الفضائيّة يتعاونان معًا مِن أجل وضع خطة للسيطرة على البركان أو التقليل مِن مخاطره ، وقالوا في هذا الشأن أنّهم دفعوا بمواسير ضخمة ذات أقطار كبيرة في باطن الأرض وخارجها لضخِّ المياه إلى قلب البركان للسيطرة عليه وتقليل درجة حرارته حال انفجاره .
سمع فهمان ذلك ووقع في روعه أنّ المواسيرَ لن تفعل شيئًا مع بركان كهذا ، همس لنفسه بأنّ هناك طرقًا أخرى مِن الممكن تجربتها غير طريقة المواسير .
وفطين جالس في بلكونة الشقة تضربه الهموم والحسرات من ناحية ، ومن ناحية أخرى تستفزّه قوّته بأن يتوكأ على أوتادها لفعل شئ لهذا المسكين .
ثُمّ انتقلَ الإعلاميّ بعد ذلك إلى خبرٍ آخر، حيث عرض صورًا لمجموعة قليلة مِن الروبوتات وبعض التقنيين الفنيين من الأجناس المختلفة وهُم على سطح القمر للتنقيب عن هيليوم -3 واستخلاصه وحمله إلى الأرض .
وفي انتظار انتقال المزيد والمزيد مِن هذه الروبوتات حالما ينتهي خبراء هذه الدول ومهندسوها مِن وضْع المصفوفات الشمسيّة النانويّة على جانبي المصعد الفضائيّ .
سمع هذه الأخبار بروفيسور في العلوم السياسيّة وكان منزويًا في المقهى فتوجّس شرّاً وقال ..يبدو أنّ العالم سيفنى بهيليوم-3 عنصر الاندماج النووي لصنع القنابل الهيدروجينيّة ، يبدو أنّنا على أعتاب عراك الفناء بين أوروبا وآسيا .
انتبه أهل الحيِّ لفهمان الواقف منذ لحظات ، وكان فهمان يغمغمُ مِن لغط وكالة ناسا ، كما أخذه الإعجاب مِن جانبٍ آخر بنجاح العالم في صنع هذه المصاعد الفضائيّة.
يتبع

 

إبراهيم امين مؤمن غير متصل   رد مع اقتباس