منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - رواية قنابل الثقوب السوداء أو أبواق إسرافيل.كتارا
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-02-2020, 11:31 PM   #16
إبراهيم امين مؤمن
( كاتب )

افتراضي


وقدْ قال مُستهلّاً وجاك يسمع بانتباه وترقّْب ..
هذان الطفلان فلسطينيّان ، اتّصلَ والدُ الطفلة مستغيثًا لإنقاذ ابنه وابنته مِن الجحيم ، بينما لمْ تصلْنا إشارة حتى الآن بتوجّه فريق الإغاثة لإنقاذهما .
لقد انشقّتْ الأرض عن يمين وشمال الطفليْن وتركتهما محصوريْن بين جداريْن مِن ألسنة لهب الحمم البركانيّة العالية..
نارٌ تتأجّج أمامهما وخلفهما بينما هما يصرخان واقفين على الأرض المحصورة بين طوديّ الحمم الملتهبة .
الأرضٍ قريبةٍ في شكلها مِن شكل المثلث متساوي الساقين المرسوم على الأرض ، ويبدو مِن خلال المعاينة ومراعاة الأبعاد أنّ المثلث ضلعه يتراوح ما بين 15-17 من الأمتار بينما قاعدته أكبر فطولها ما بين 25-27 متر .
فلمّا سمع جاكُ هذه الأبعاد كوّرَ كفىّ يديْه بحيث أصبح ظهريْهما للسماء ، ثُمّ أمالهما خفْضًا ورفْعًا وهذه إشارة لإمساك دراكسيون دراجه بخاريّة ، وقدْ كان يقصد ذلك بالفعل .
*ومن حجرة مبيت عالم الفيزياء الفذّ ميتشو كاجيتا بمصادم ffc-1 الكائن في سيرن بسويسرا نجد كاجيتا يشاهد البركان ويرقص ، وكلّما زاد البركان توحّشًا زاد رقصًا وفرحًا، ولقد كان يتراقص قائلا..هيّا أيها البركان الرحيم خلّصنا من هذه الزبالة البشريّة .
والرماد البركانيّ والحِمم في ازدياد ، وأخيرًا جاءتْ إشارة أنّ منطقة الطفلين خطرة ولا يملكون التحليق فوقها الآن وليس لديهم أدوات لمدِّ جسر لإنقاذهما.
لكنّهم سيحاولون إرسال الدعم في وقت قريب ، فكلّ طائرات الإغاثة منشغلة بإنقاذ عشرات الآلاف مِن الضحايا .
انتفض جاك ثمّ قفز على دراجته البخارية وأنزل اللثام على وجهه وانطلق بها مخترقًا باب منزله فطار في الهواء ، وظلَّ منطلقًا بأقصى سرعة متجاوزًا الزحام بالتحكم في حركتها بطريقة أسطورية .
وبمجرد خروجه جاءتْ إشارتيْن أحدهما تقول أنّ الأبَّ الفلسطينىَّ صاحب الرسالة قد شاهد ولده منذ لحظات وأنّ المحصور في البركان ليس ابنه .
والإشارة الثانية من يهوديّ يقول عن هذا الذي مع الفلسطينيّة ابنه ، واستطرد..إن لمْ تنقذْه الحكومة فسوف يحمّلهم مسؤليّة موته .
*وسمع يعقوب إسحاق مقولة المواطن الإسرائيليّ عبر التلفاز فارتعد وانتفض ، ثمّ هاتف بيد مرتعشة الرئيسَ الأمريكيّ على الفور وقال..إن مات طفلنا فسوف أمحوك من الوجود .
ثمّ تلتها إشارة ثالثة بعد قليل أنّ فريق البحث متّجه لإنقاذ الطفل والطفلة لخمود الرماد البركانيِّ والحِمم حولهما بصورة تُمكّن طائرة الإنقاذ التحليق فوقهما لانتشالهما .
ويبدو مِن الإشارة الثالثة أنّهم استطاعوا أنْ يوفّروا طائرة استغاثة بالفعل .
انطلق جاك متّجهًا إلى مكان الطفليْن ، فلمّا دنا مِن المكان أدّى صلاته ودعا الربَّ بالنجاة والتوفيق ثُمّ دعا لأمريكا بالخلاص .
وانطلق بأقصى سرعة ، ولحسن الحظ أنّ الجدارَ المنفصل الواقف عليه الطفلان منخفضٌ عن الأرض .
فطارتْ الدراجةُ مرتفعة في الهواء لمسافة ما بين 15-17 مترًا وظلَّتْ في الهواء متجاوزة ألسنة الحِمم التي كادتْ تحرقه ، وبالفعل فقد قذف البركانُ جمرةً صغيرة التصقتْ بأسفل بنطلونه .
ثمّ بدأتْ الدراجة في الهبوط متّجهة إلى قاعدة المثلث الكبرى .
كانت الدراجة مسرعةً ، وأيّ فرملة مفاجأة سوف تقلبه هو والدراجة في الجحيم ـ ففرمل على مراحل ، المرحلة الأولى خفيفة وكذلك الثانية والثالثة والمرحلة الأخيرة كانت على بعد أربعة أمتار مِن حآفّةِ قاعدة المثلث قبل أنْ يفعلَها ، ثُمّ أسند بقدمه على الأرض وآمال الدراجة قليلاً فمالتْ وسارتْ تجاه أحد ضلعيِّ المثلث .
وظلّت الدراجة تدور حول نفسها عدة مرات حتّى استقرتْ .
جاك يعلم أنّ الدرّاجة لن تسطيعَ العودة مطلقًا لأنّها في مهبط ، وبالطبع فلن تصعدَ الدرّاجة ضد الجاذبيّة ، وحتى لو كان هذا جائزًا فالمسافة قليلة لكي يطير بها مجددًا .
فماذا يخبئُ جاك لنا ؟
*ومن المدهش ..كان يشاهد مشهدَ دراجة الملثّم بطلُ العالم في سباق الدرجات فقال دهشًا.. أنا ما أستطيع فعلها .
*وشعوب العالم يشاهدون حدث الملثّم عبر التلفاز، ولقد شاهدوا قفزته فخطفت أنفاسهم حتى أنّها صرفت أبصارهم عن موت آلاف الضحايا التي تسقط كلّ ساعة.
اشرأبتْ أعناقهم نحو التلفاز واستطلعتْ عيونهم نحوه محدّقين قائلين..لقد ألقى الفارس الملثّمِ هذا بنفسه في التهلكة رغم شجاعته ومهارته وشهامته .
*ومن الوادي الجديد نجد فهمان يشاهد هذا الرجل الملثّم وهو يلقي بنفسه لإنقاذ الطفلين غير مكترثٍ لحياته ، فتمنّى فهمان أن يكون مثله في التضحية والشجاعة.
يتبع

 

إبراهيم امين مؤمن غير متصل   رد مع اقتباس