[أحمد البرعي]

(1)
بعكس عقارب الساعة ..
شفاهٌ تتمتم و أنامل تُرفع للسماء
وجباهٌ تُمرغ في الرمل لصلاة استسقاء
ملابس من الغرابة
قد نُسجت ..
ثم لُبست ..
وقُلبت مسايرة لسنة الأفناء ..!!
أعينٌ قد شح بصرها تنظر في رجاء ..
ليس كل هذا استغاثة غيث ..
وإرواءاً لقحولة صحراء ..
بل مناجاة لسماء ثامنة لعلها تجود بقطراتٍ من الوفاء
يتساقط الحبر الأسود على الصفحة السوداء .!!
فيكتبُ ذاك القلم بسمو ذاته بإيحاء وصفاء
أحبْكِ يا ليلتي فيترجمها الصبح بعكس ما يشاء
فكان ترجمانها مهلاًً يا ليلتي أين هو الوفاء ؟!


(2)
بعكس عقارب الساعة ..
غادرت الشمسُ خدرها وموعد إغفاءها
وتربعت ذاك الكرسيّ المتحرك بسمائها
تغارُ منها المرايا فتعكس أشعتها لها
يُسمع صوت زقزقة عصافير الحديقة وتتفتح زهورها
الفراشات واليعاسيب تتغذى من رحيقها
البحيرة المجاورة للمرايا تهمس لها ..
لا يضير الشمس مصدر عزتها ونورها ..
كأن للكلمات جوانحٌ فتطير بها للشمس تخبرها ..
لتسلط الشمس شرر غضبها وقوة وهجها ..
على تلك المرايا وتعمى أعينها ..
لكن سرعان ما تسترد بصرها وتتفتح بصيرتها ..
أيتها الشمس كأنكِ تُرسلين درساً في التبختر والاستعلاء

(3)
بعكس عقارب الساعة ..
حان موعد الظهيرة وتسيدت الشمس الوقت
واستقام ظلها وحانت لحظة كسوفها ..
لتكتسي الأماكن نوعاً من الظلمة وقهقهة المرايا
على عجرفة الشمس وضياع هيبتها ..
تتمايل إحداهن لتسقط أرضاً ويتناثر زجاجها ..!؟
وبعكس عقارب الساعة ..
تستعجل الشمس رحيلها ..!!
ويحين موعد غروبها وغيابها ..!!
وقد طوت اصفرارها شيئاً من الاحمرار كأنها تغادر باستحياء

(4)
بعكس عقارب الساعة ..
انزاح ستار النهار وحل الليل ضيفاً
وبصحبتهِ من هو على الألوان سيدا
وفي منتصف الليل وبدون مقدمات خسف القمر أيضاً
كان حدثاً يسجل في التاريخ
كسوفٌ وخسوف لم يسبق أن اجتمعا يوماً
كلها سويعات وتنجلي الظلمة ويعود القمر كما كان وأشد ضياءاً
وأنتِ يا سارة ..
أو ربما نهى ..
أو رنا ..
ريما ..
لا أدري إي دورٍ اليوم تتقمصين ..!!
عذراً فلستُ بكامل قواي العقلية هذا المساء

(5)
بعكس عقارب الساعة ..
أيها العاشقان أدري أن الغموض سيطر على الأحرف هنا
وهلوستي أصبحت أكثر من صاحب دمون
المقتول على يد يوحنا
المخذول من جيش جستنيان
لكني أعدكما الآن بإطفاء سيجارتي وشرب كوب اليانسون
لعلي أشعل لكما بعضاً من قناديل الوضوح
وتنعما ببعض من الدفء والحنان
سأجهض الغموض وليحين موعد فض بكارة الحياء

(6)
بعكس عقارب الساعة ..
أهلاً بكما في صومعة الراهب العاشق الزاهد ..؟!
يكفي الشرك بإغواء الغير والأيمان بحب الذات
فليس اليوم يوم غرز سهام الحب بالصدر
واجتثاث النفس بسيف الخيانة بالظهر
اليوم يوم إتلاء طقوس الحب على روح كومبيد
فبداخلك أيها العاشق روح مردوخ
وبداخلكِ أيتها العاشقة روح سيرفتوس
يكفي أن تتبادلا ورود الحب الحمراء

(7)
بعكس عقارب الساعة ..
لا أريد أن أسمع هذه الكلمات
سيدي .. أميري .. فارس أحلامي ..
سنديان قلبي .. عزف مشاعري .. شتائي ..
بردي .. دفئي .. عنوان دفاتري .. نوري .. نور عيني ..
أوردتي .. شرياني .. شهيقي .. زفيري ..
سمائي .. أرضي .. موطن فراري .. ملاذي ..
جسدي .. عقلي .. جنوني .. روحي ..
فقط أريد أن أسمع كلمة جسدي لك فأفعل ما تشاء

(8)
بعكس عقارب الساعة ..
لا أريد إقرار إيمان شفابخ أو إقرار أوغسبرغ .!؟
لا أريد وثيقة تورغاو أو اتفاق ماربورغ .!؟
أريد فقط أن تتساقط ثمار الأحلام من تلك الحدائق المعلقة ..
ويحيط بمعصمها سور الاستمتاع العظيم ..
وأن ترتدين معطفك الشتائي المستورد من براغ .!
أريد أن تضم شفاهكم بعضها ..
وتتبارز ألسنتكم وتستدير حول بعضها ..
أريد لغة الأعين في هذا المساء لا أريد حب و وفاء

(9)
بعكس عقارب الساعة ..
هذه الليلة الحلقة الأخيرة من هذا المسلسل الدرامي .!؟
لتتعانق أمالكم .. ولتقضيا وقتا ممتعاً على سرير نومكم ..
وليودع بعضكما الآخر فكعادة العرب اتفقتما أن لا تتفقا ..
ظل الشيطان معكم أينما كنتما ..
سأظل أرقب هذا اليوم كمن يرقب عودة مذنب هالي .!؟
فمتى سيجتمع خسوف وكسوف من جديد .!؟
عمت صباحاً أيها الحرف ..
أشرقي أيتها الشمس ..
لتتفتح زهور الأوركليد ..
فلحد هذه اللحظة لأدري ماذا أكتب أو ماذا أريد .!؟
فقط دعوا الحب والوفاء لأهلة وتمتعوا بقليل من الغباء .!؟