[عبدالعزيز رشيد]

_11_

صرخة المنتحرين غالبا ماتكون القطعة الأخيرة من حياتهم ليلقوها على وجه الحياة بكل استياء ودونما خوف - من أيّ شيء يخافون وقد أتلفوا كلّ آمالهم وأحرقوها قبل مغادرتهم وكانت لتلك النار أصوات كـ أصوات صرخاتهم الأخيرة,كثيرا ماأتوق لمعرفة أسباب فعلاتهم وكثيرا ماأتعجّب من التباين العجيب لـ غاياتهم فهنالك (البؤساء,التعساء,الطائشون,المجانين,اليائسون,المندف عون) , لكن قلّة من تلامسنا صرختهم الأخيرة وكأنّ كلّ حياتهم اختزلت في تلك الصرخة البائسة,أتذكّر الرسّام: فان غوخ و كلمته "الأحزان لن تنتهي أبدا" كان قد قالها بعد محاولة انقاذه بعد أن حاول الانتحار!, فان غوخ صرخ في وجه الحياة ومضى بعيدا عنها إلى الأبد, وفي الحرب العالميّة الثانية وبعد أن صارت القنابل تسقط على المدن الألمانيّة أكثر من الأمطار وبعد أن أصبحت سماؤهم لعبة لمحترفي القتل والدمار انتحر جيشونيك قائد أسراب المقاتلات الألمانيّة بعد أن كتب في رسالته "نحتاج الى المقاتلات الآلاف من المقاتلات وإلا فالويل لنا من الهزيمة",جيشونيك وصرخة عتاب أبديّة مليئة بالوفاء في أبشع صورة!